ليلة من شهر رمضان ، وهو معلوم الانتفاء مع صلوحه لهم في كلّ حال ، فاتّفاقهم على قول واحد بطريق أوْلى.
وردّ بمنع استحالة الاتّفاق على الظنّ ، سيّما إذا كان جليّا واضح الدلالة معلوم الحجّيّة ، ولا نسلّم صلاحيّة الطعام الواحد لهم في كلّ حال ؛ لاختلاف الأبدان والفصول والبلدان ، ولأنّ أكل الشيء الواحد في وقت واحد لا مصلحة فيه ، ولاختلاف الشهوات والدواعي ، وعروض بعض الموانع في ذلك الوقت لبعض دون آخر. بخلاف الاتّفاق على حكم واحد ، فإنّه ليس فيه شيء من موانع الأكل ؛ لأنّه حكم طبيعة واضطرار ، ومسألة الإجماع حكم شريعة واختيار ، فيجوز صلاحيّته لهم وإرادتهم له في كلّ حال ، على أنّ حكمهم ليس دائراً مدار الشهوات ، وإنّما هو دائر مدار أمر الشارع.
واحتجّ مَنْ قال بإمكان وقوعه بأنّ دواعي مَنْ يُعتبر قولهم لا تختلف ؛ لأنّهم طالبون للحقّ وهو واحدٌ لا يختلف ، وأمّا ما ذكروه من اختلاف الطبائع والأمزجة والأهوية فهو وإنْ أثّر إلّا إنّه ضعيفٌ بالنسبة إلى الردّ إلى مؤسّس الشرع ؛ لأنّهم إنّما ينظرون في كلام الحكيم الذي لا يختلف في نفس الأمر وإنْ اختلف ظاهراً ؛ لأنّ الحكيم كما أظهر الاختلاف أسّس طريق الائتلاف.
وقد تقرّر أنّ مَنْ يُعتبر قوله لا يقول على الله إلّا الحقّ ، ولا يقول على الله ما لا يعلم ، ولا يؤوِّل الأخبار بمقتضى رأيه ومراده ، فإذا كان كذلك كان هذا الاختلاف غير مؤثِّر مع ضعفه في تفريق الحقّ مع قوته وإحكامِ طريقته.
ولا شكّ أنّ مَنْ بنى وقوع الإجماع على طريقة المخالفين لم يتحقّق ؛ لأنّه على زعمهم لا يحصل إلّا باتّفاق آراء جميع مجتهدي العصر ، وأمّا على طريقتنا فهو سهل المأخذ ؛ لما تقرّر من أنّه لا بدّ من إمام معصوم حافظ للشريعة لئلّا يرتفع الحقّ عن أهله ، فإنْ زاد المؤمنون ردَّهم ، وإنْ نقصوا أتمّه لهم ، فيقرّ مصيبهم ويردّ