المقام الثاني : في أقسامه
وفيه أبحاث :
البحث الأوّل : في الإجماع الضروريّ من المسلمين ، وهو الذي يكون منشؤه النصوص المتواترة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.
البحث الثاني : في إجماع الفرقة المحقّة ، وهو الذي يكون منشؤه النصوص المتواترة عن الأئمّة عليهمالسلام.
وهذان القسمان هما المشار إليهما في خبر ( تحف العقول ) (١) ، و ( البصائر ) و ( الاختصاص ) (٢) المتقدّم نقله في المقام الأوّل عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، إذ المراد بالضرورة فيه التواتر كما قاله بعض الفضلاء (٣) ، والمراد بها ضروريّ الدين وضروريّ المذهب ، وعطف الأخبار عليها تفسيريّ كما تقدّم ، ولا خلاف في ثبوتهما وإمكانهما ووقوعهما وحجّيّتهما وعدم جواز مخالفتهما لتحقّق دخول المعصوم في جملتهم.
نعم ، يحتاج الثاني إلى إثبات بالنسبة إلى الخصم ، والكلام مع بعضنا فلا يحتاج.
وهو ما يكون منشؤه النصوص المشهورة التي تخالفها النصوص غير المشهورة ، ولم يعلم دخول قول المعصوم في أقوال المشهور ، كأن يتساوى الفتويان أو الروايتان في وجوه الترجيح ولا مرجّح لأحدهما إلّا مجرّد الشهرة بين الأصحاب والآخر بخلافه.
فحينئذٍ ، يتعيّن الأخذ بالمشهور لنصّ الإمام على الأخذ به حتى سمّاه إجماعاً كما في المقبولة والمرفوعة السابقتين (٤) ، وليس إلّا لدخول قوله في أقوال المشهور ، وإلّا لما ساغ له الأمر بالأخذ به مع انفراده عنهم ، ولا يمكن العلم بدخوله بمجرّد الشهرة ما لم يكن على ما مرّ من عدم المرجّح.
__________________
(١) تحف العقول : ٤٠٧.
(٢) الاختصاص ( سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٢ : ٥٨.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٠٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٨.
(٤) انظر ص ١٦٨ هامش ٣ ، ٤.