إنّ ذلك يهدم الطلاق السابق .. إلى آخره. بعد تقرير دليل عدم الهدم وتقويته ـ : ( ولا يخفى عليك قوّة هذا الجانب لضعف مقابله ، إلّا إنّ عمل الأصحاب عليه ، فلا سبيل للخروج عنه ) (١). انتهى.
فانظر كيف منع من المخالفة مع عدم قيام دليل صارف عنه ومانع منه! وقال في حدّ الجوار بعد نقله مذهب المشهور وغيره : ( والرواية دالّة على أربعين للدار ، ولو لا شذوذ هذا القول بين الأصحاب لكان القول به حسناً ) (٢). انتهى.
ألا تراه كيف أطّرح النصّ لمّا ظهر له مخالفة الأصحاب! وكثيراً ما يقول في شرحي ( اللمعة ) (٣) و ( الشرائع ) (٤) : ( ولو لا الإجماع على كذا لكان القول بخلافه متعيّناً ).
ومن أمثلة الإجماع المركّب أنّ قول الشيعة منحصر في استحباب الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة والقول بحرمته ، فالقول بوجوبه خرق للمركّب.
ومنها : أنّ قولهم في عدّة الحامل منحصر في أبعد الأجلين والوضع ، فالقول بالاكتفاء بالأشهر قبل الوضع خرقٌ للمركّب.
ومنها : ردّ البكر الموطوءة بعيب ، فقيل بالردّ مع الأرش ، وقيل بالعدم ، فالقول بردِّها مجّاناً خرق له.
ومنها : فسخ النكاح بالعيوب ، فقيل بعدم الفسخ بشيء منها ، وقيل بالفسخ ، فالقول به ببعض دون بعض خرقٌ له.
ومنها : وجوب الغسل بالوطي دبراً ؛ فمَنْ قال بوجوبه في المرأة قال به في الغلام ، ومَنْ لم يقل لم يقل ، فالقول بوجوبه به في دبر المرأة فقط خرق للمركّب ، وأمثالها كثير لا تخفى على المتتبّع.
وهو أنْ يقول بعض علماء العصر بقول ويعرفه الباقون ولم ينكروه ، فإنْ كان بعد
__________________
(١) مسالك الأفهام ٩ : ١٧١.
(٢) مسالك الأفهام ٥ : ٣٤٤.
(٣) الروضة البهية ١ : ٣٠١.
(٤) مسالك الأفهام ٢ : ٤٤٩.