النحوي؟ ، أفيدونا أفادكم الله بكرامته.
وما تركيب ( وإنْ ) في قوله : لأُكرمنّ زيداً وإنْ أهانني ).
أقولُ بعد إبلاغ وافر السلام وإهداءِ جزيل التحيّة والإكرام لذلك الجناب السامِي ـ : قد اشتمل هذا الكلام على ثلاث مسائل عظام تهشّ إليها الطباعُ والأفهام.
الاولى : ما معنى هبني؟.
الثانية : ما إعرابها؟.
الثالثة : ما إعراب ( وإنْ ) في قوله : لأُكرمنّ زيداً وإنْ أهانني؟
وتحقيق المقام وتحرير المرام بابرام النقض ونقض الإبرام أنْ نقول :
أمّا الجواب عن المسألة الاولى ، فلا يخفى على اولي الأحلام أنّ كلام الإمام الذي هو إمام الكلام لا يرقى سلّمه طائر أفهام الأنام ، كيف وقد كان دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين وإنْ كانوا من الجهابذة العظام ، وكان قائله ينحدر عنه السّيل ولا يرقى إليه الطير ، ولا تدرك كنهه طامحاتُ العقول ؛ إذْ لا يعرفه إلّا اللهُ والرّسول ، إلّا إنّ كلامه عليهالسلام وجعلني فداءه من الآلام لمّا كان نوراً وكان النّور هو الظاهر بنفسه والمظهر لغيره (١) كما هو أحسن تعريفاته لا جرم فاضت على مرائي قلوب العارفين وصفائح فطرِ الكاملين رشحاتُ عرفانه ، وهبّت عليها نفحاتُ إتقانه وإيقانه على حسب استعدادها وصفائها ومقدار قابليّتها وجلائها ، ( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ) (٢) ، فنسأل الله أنْ ينوّر قلوبنا بأنوار هدايته ويوفّقنا للوقوف على أسرار معرفته ودرايته.
إذا انتقش هذا في لوح الفطنة السليمة ، وأثمر بإدراكه دَوْحَ (٣) الفطرة غير السقيمة ،
__________________
(١) شرح أُصول الكافي ( الشيرازي ) / كتاب التوحيد : ٢٦٣ ، أُصول المعارف : ٢٢.
(٢) الحديد : ٢١.
(٣) جمع دَوْحة ، وهي الشجرة العظيمة ، لسان العرب ٤ : ٤٣٧ دوح.