تتميمٌ فيه نفعٌ عميم ، ودفعٌ لسؤال عظيم
إنْ قيل : قد عُلم ضرورةً من مذهب الإماميّة الأبرار عصمة الأئمّةِ الأطهار من الذنوب والآصار ، وأنّهم لا يفترون عَنْ طاعة اللهِ وعبادته آناءَ الليل وأطرافَ النهار ، وأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قسيم الجنّة والنار بين الأبرار والفجّار ، كما تكثّرت به الأخبار (١) واشتهر أيّ اشتهار ، فما الوجهُ في فرضه عليهالسلام الصبر على النار ، ونسبته وأبنائه المعصومين أنفسهم إلى الذنوب وعصيان الملك الجبّار؟.
قلت : الجواب عن ذلك من وجوه :
منها : أنّهم عليهمالسلام قد تحمّلوا ذنوب شيعتهم ومحبّيهم وأنصارهم ومواليهم ، لكمال لطفهم بهم ، وتمام رحمتهم لهم ، وشدّة الاعتناء بشأنهم. ويدلّ عليه ما ورد في تفسير قوله تعالى ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) (٢) ، فعن الصادق عليهالسلام ، أنّه سُئل عن هذه الآية ، فقال : « ما كان له ذنبٌ ولا هَمَّ بذنبٍ ، ولكنّ الله حمّله ذنوب شيعته ، ثم غفرها له » (٣).
وعنه عليهالسلام أنّه سُئل عنها ، فقال : « واللهِ ما كان له ذنبٌ ، ولكنّ الله سبحانه ضَمِنَ له أَنْ يغفرَ ذنوبَ شيعةِ عليّ عليهالسلام ما تقدّم من ذنبهم وما تأخّر » (٤). إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا المضمار.
ولعلّ السرَّ فيه أنّهم خُلقوا من فاضل طينتهم ، وإنّما لحقتهم الذنوب والمعاصي من لطخ (٥) أعدائهم ، كما تكثّرت به أخبارهم (٦) ، فلمّا كانوا منهم ومنسوبين إليهم في
__________________
(١) انظر : بصائر الدرجات : ٤١٥ ـ ٤١٦ / ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، البحار ٣٩ : ١٩٣ ، باب ٨٤.
(٢) الفتح : ٢.
(٣) تفسير القمّي ٢ : ٣٢١ ، مجمع البيان ٩ : ١٤٣ ، البحار ١٧ : ٨٩ / ١٩.
(٤) مجمع البيان ٩ : ١٤٢ ، البحار ١٧ : ٧٦.
(٥) تلطّخ فلان بأمرٍ قبيح. تدنّس. لسان العرب ١٢ : ٢٨٠ لطخ.
(٦) انظر : علل الشرائع ١ : ١١٦ / ٢ ، البحار ٥ : ٢٤٢ / ٢٩.