بل التأمُّل في عبارته يعطي عدم الجزم به وإنْ استظهر دلالة تلك الأخبار عليه ، إلّا إنّ عبارة المحقّق المنصف الشيخ يوسف (١) ، وفاضل ( الرياض ) (٢) ظاهرةٌ في نسبته لجماعة ، محتجّين بأنَّه من الحقوق المتروكة ، فكان داخلاً تحت عموم الإرث.
وفيه : أوَّلاً : منع كونه من الحقوق ، بل الظاهر كونُه من الأحكام الشرعيّة اللَّابُدِّيَّة.
وثانياً : إنَّ مجرّد كونه حقّا لو سُلِّم لا يستلزم كونه موروثاً ؛ لما مرَّ من عدم كونه من الحقوق القابلة للانتقال والنَّقل ، وهي التي لا يكون وجود ذات الشخص مقوّماً لها كحقّ الجلوس في المساجد ، والمدارس ، والرِّباط ، والأسواق ، وحقِّ التولية ، والنظارة ، وحقِّ الخيار المجعول لأجنبي من المتعاقدين لتقوّم الحق فيها بذيها ، فلا تنتقل لغيره إجماعاً ، والّا لصحّ بيعُه وهبته وأخذُ عوضِه ، واللازم باطلٌ ، فكذا الملزوم.
وتظهرُ ثمرة الخلاف في مواضع :
كما لو مات المُنْعِم قبل العتيق وخلّف وارثاً غير وارث يوم موت العتيق كابنٍ وابن ابن ، ثمّ مات الابنُ قبل العتيق وترك ابناً ثمّ مات العتيق ، فإنَّ ابني الابنين يتساويان في الإرث على المشهور ، ويختص الإرث بولد مَنْ كان حيّاً على القول الآخر.
وكما لو مات المُنْعِم قبل العتيق عن ولدين لأحدهما أولاد ، ثمّ مات الولد الذي له الأولاد ، ثمّ مات العتيق. فعلى المشهور : يختص ميراثه بالحيِّ من الولدين ؛ لأنَّه أقرب من ولد الولد ؛ لعدم انتقال حقّ المُنْعِم لأولاد أولاده ، وأقربُ الورثة للمُنْعِم يوم موت العتيق ولدُ الصلب ، فيختصُّ بالإرث. وعلى القول الآخر : يشاركه أولاد الولد الميّت بالمناصفة ، إذ بموت المُنْعِم انتقل حقُّ المُنْعِم منه إلى ولديه بالسويّة كغيره من الأولاد والحقوق ، فبعد موت ذي الأولاد انتقلَ حقُّه إلى أولاده ، فيتناصفون بعد
__________________
(١) الرسالة المحمدية في أحكام الميراث الأبدية ( مخطوط ) : ٢٣١.
(٢) رياض المسائل ٩ : ١٥٥.