أهانني ) ، فهو من العجاب ؛ لأنّ مدخول الواو الحالية عند اولي الفنّ لا يكون إلّا قطعيّاً سواء كان في جانب النفي أو الإثبات ، كما لا يخفى على المتتبّع الخبير والعارف البصير.
وهي في هذا المثال وأشباهه لا تفيدُ إلّا التردّد ، والمعنى : ( إنّي لأُكرم زيداً إنْ لم يهني وإنْ أهانني ) ، إلّا إنّ أهل الفصاحة كانوا يحذفون الظاهر ويظهرون الأخفى طلباً للبلاغة ، ألا ترى أنّ عدم الإهانة ممّا يطابق الإكرام ، والإهانة خلاف الإكرام ، فحذفوا المتبادر إلى الفهم وأظهروا ما هو خلاف الوهم.
وأمّا ( إنْ ) المكسورة فلم نعلم لها إلا الأربعة المعاني التي صرّح بها ( مغني اللّبيب ) (١) وغيره ؛ وهي الشرطيّة ، والنافية ، والزائدة ، والمخفّفة من الثقيلة.
ونقل هو (٢) عن بعضهم : أنّها تكون بمعنى ( قد ) التحقيقية و ( إذ ) التي للإثبات ، ثم ضعّفهما ونفاهما.
وأمّا الوصل فلم يتعرّض إليه هُو ولا غيره من أهل النحو ، ولا أدري ذلك غفلة أو عدم اطّلاع! فليكن من المجيب رفع الله شأنه التعريف بالموضع الذي وجد فيه معنى الوصل حتى نثبته في أحد الكتب التي عندنا من كتب النحو ، والسلام.
أقولُ والله الموفّق لارتقاء سلّم الوصول لتحقيق الفروع والأُصول ـ :
أما قوله : وهذا لا ينطبق .. إلى آخره.
ففيه : ما قرّرناه في هذا الجواب من أنّ معنى الظنّ لا يصلُحُ هنا ، لكون أسمائه تعالى وصفاته توقيفيّة ، ولم يرد إطلاق لفظ الظنّ عليه حتى لو أُريد به العلم ، ولو لا ذلك لصحّ ، لكن بتأويله بمعنى العلم ؛ لأنّ الظن كما يُستعمل في الاعتقاد الراجح المحتمل للنقيض كذلك يستعمل في الاعتقاد الجازم الذي لا يحتمله ، كما صرّح به اللغويّون وغيرهم.
قال في ( مجمع البحرين ) : ( وقد جاء الظنّ بمعنى العلم ، قال تعالى ( أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ
__________________
(١) مغني اللبيب ١ : ٣٣ ـ ٣٨.
(٢) مغني اللبيب ١ : ٣٩.