وأمّا إعجابه حفظه الله تعالى من عدم صحّة نسبة الظنّ له سبحانه في الجواب الأوّل حين قال : ( إنّ ( هبني ) بمعنى : ظنّيتني ؛ لأنّ معنى الظنّ الشكّ والتردّد ) ، مع اعترافه في مطاوي كلامه أيده الله تعالى بعدم جواز نسبة الظنّ له من حيث عدم تسمية نفسه وتسمية حججه له بذلك ، فهو أعجب وأعجب ، على أنّ احتمال عدم التسمية له بذلك من حيث معنى الشكّ والتردّد الحاصل في الظنّ قويّ وظاهر ، وعلى أنّ الظنّ وإنْ استعمل في القطع واليقين أحياناً فلا بدّ من القرينة ، كما في قوله تعالى ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) (١) ، الآية ، بمعنى : تيقّن أنْ لن نُقتّر عليه رزقه. وغيرها من الآيات والروايات.
وأمّا جموده سلّمه الله وأعلى مقامه وأسبغ عليه وافر إكرامه على جواز نسبة الاشتقاق لاسمه تعالى الأكبر فلم يجر من السائل فيه كلام حتى يلزم معه فيه النقض والإبرام ، على أنّ الاشتقاق لهذا الاسم الجليل بالكلّيّة غير ثابت عندنا ولا مرضيّ لدينا ، بل إنّه علم جامد وإنْ زيّف فيه الكلام المخالف المعاند. فتأمّل أعلى الله تعالى لك المقام ، وحبانا وإيّاكم منه بالمنّة والإحسان والإكرام ، والسلامُ خير ختام.
أقولُ بعد إبلاغ وافر السلام ، مستعيناً بالقادر العلّام ، في إبرام النقض ونقض الإبرام ـ :
أمّا قوله : ملخّص ما قرّره إلى قوله ـ : هو أنّ ( هبني ) فعل أمر بمعنى : اجعلني واحسبني وكلاهما يترادفان في المعنى بحسب ظاهر عبارته.
ففيه أوّلاً : أنّا قد ذكرنا لها خمسة معانٍ بالنظر إلى الورود في العربيّة لا إلى خصوص كونها في تلك الفقرة العليّة :
الأوّل : كونها بمعنى ( ظنّ ).
__________________
(١) الأنبياء : ٨٧.