أمَّا لو اجتمعوا لكن اختلفت النسبة في بعضهم كجدٍّ أو جدّةٍ للأمّ وإخوة وأجداد للأب ، خرج الفرض في ميراث الجدّ أو الجدّة للأُمّ عن هذا الموضوع ، ورجع إلى ما تقرَّر في مسألة انفراد الأجداد عن الإخوة ، من أنَّ لأحدهما الثلث على المشهور ، أو السدس على غيرهِ. وأن التنزيل في مادّة الاجتماع مخصوصٌ بالاشتراك في الانتساب للأُمّ والأب ، لا مجرّد الاجتماع في الميراث.
بل ظاهر ( الرياض ) و ( الجواهر ) و ( منظومة الحرّ ) حكاية الإجماع ، بل حصوله عليه ، وأنّه هو العمدة في تلك التفاصيل.
قلت : وفي استفادة هذا التخصيص من الأخبار وكلماتِ علمائنا الأخيار نظرٌ ظاهر وإنْ صرّح به غيرُ واحدٍ من الأكابر ، فإِن تمَّ ذلك الإجماع ، وإلّا فللمناقشة مجالٌ في غاية الاتّساع.
ولعلَّ الداعي لهم على ذلك منعُ الإطلاق ، وأنّ ذلك التنزيل قضيّةٌ مهملة مفادها مطلق تشريك الأجداد في مقابلة قول بعض أهل العناد ، كما يستفاد ذلك من بعض تلويحات الأئمّة الأمجاد ، ففي خبر زرارة : أراني أبو عبد الله عليهالسلام صحيفةَ الفرائض ، فإذا فيها : « لا ينقص الجدّ من السدس شيئاً » ، ورأيتُ سهم الجدّ فيها مثبتاً (١).
فإن قوله : ( ورأيتُ .. ) إلى آخره ، تعريضٌ بالردّ على مَنْ يُسقِط سَهم الجدّ ، كما أنّ ظاهره يدلّ على استحقاق الجدّ السدس في بعض أحواله ، وأنّه لا ينقص عنه بحمله على كون الجدّ للأُمّ حال انفراده.
وأظهر منه في التقيّة خبر ابن عباس ، أنَّه قال : كتب إليَّ عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام في ستّة إخوة ، وجدّ : « أن اجْعَلْه كأحدهم ، وامحُ كتابي » (٢).
فجعله عليٌّ عليهالسلام سابعاً. فإنّ قوله عليهالسلام : « وامح كتابي » ليس إلّا حذراً مِنْ تشنيع أهل الخلاف ، بمخالفته عليهالسلام لأولئك الأسلاف.
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٣٠٦ / ١٠٩٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٠ ، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ، ب ٦ ، ح ٢١.
(٢) الفقيه : ٢٠٨ / ٧٠٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٥ ، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ، ب ٦ ، ح ٨.