بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة المؤلِّف
الحمدُ لله الذي عزّز ضوابط الأُصول في نتائج رياض الأفكار ، وغرسَ في حدائق العقول مناهج الأحكام والأسرار ، ودلّنا على الاقتداء بكتابه المجيد وسنّة نبيّه المختار ، الذين هما للحقّ والباطل معيار ، المتنزّه عن الإدراك بظاهر الحواس ، والمتعالي عن الاشتراك والتحديد والقياس. والصلاةُ والسلامُ على محمّدٍ وآله مصادرِ تأصيل التفريع ، وتفريع التأصيل ، المجمع على أولويّتهم بالتفضيل بالإجمال والتفصيل ، صلاةً وسلاماً حكم بهما العموم والإطلاق والتأبيد ، فلا يطرو عليهما نسخ ولا تخصيص ولا تقييد.
أمّا بعدُ.
فلا يكاد يخفى على أولي الفطن السليمة والفطر المستقيمة ، أنّ علم أُصول الفقه من أهم العلوم ، وأجلّ الرسوم ، إذ به يُقتدر على استنباط أحكام الحي القيّوم ، ولهذا أفرغ فيه المحقّقون وسعهم وجهدهم ، وبذلوا في تحريره وُجْدَهُم وَجَدَّهُم ، وأنفقوا في تقريره وَكْدَهُم (١) وكدّهم ، فأحببت أن أتطفّل على علومهم رجاء أن أنتظم في سلك منظومهم ، فشرعت في تأليف كتاب يحتوي على جلّ مسائله ، وجمل من
__________________
(١) الوَكْدُ : القَصْدُ والهَمُّ والمُرَادُ. لسان العرب ١٥ : ٣٨٣ وكد.