الباب الأوّل
في بيان حدّه وموضوعه وغايته ومرتبته
والكلام فيها يقع في مقدّمة وفصول :
أمّا المقدّمة ، فاعلم أنّه قد حكم العقل الصحيح والدليل الصريح بأنّ الشارع في علم لا بدّ قبل شروعه من معرفته باسمه ورسمه ، ومعرفة موضوعه وغايته المترتّبة عليه ، والمرتبة المنسوبة إليه.
أما وجه توقّف الشروع على تصوّره باسمه ؛ فلئلّا يلزم طلب المجهول المطلق ، وهو محال ؛ لامتناع توجّه النفس نحوه ، فلا بدّ من تصوّره بوجهٍ ما ، ولمّا كان لا يمكن تحصيله إلّا في ضمن تصوّره بوجه مخصوص لعدم السبيل الى حصول العامّ إلّا بوجوده في ضمن الخاصّ ، اختير تصوّره باسمه ؛ لاستلزامه الواجب لا لخصوصيّة فيه ، ولا ينافيه كون غيره كذلك ، وذلك كمن كان له طرق موصلة إلى مراده ، فإنّ له أن يختار أحدها وإن كان الباقي غيره موصلاً إليه ، فيصير الترجيح بمحض إرادته وتصميم قصده ونيّته.
وأمّا توقّفه على تصوّره برسمه ؛ فليكون على كمال بصيرة في طلبه ويزداد معرفةً بمراده ؛ لأنّه متى تصوّره كذلك وقف على جميع مسائله إجمالاً ، حتى إنّه يعرف عند ورود كلّ مسألة منه عليه أنّها منه بلا شكّ لديه.
فإنّ من تصوّر هذا العلم بأنّه علمٌ بقواعد كليّة ممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، حصل عنده قضية كلّيّة تصلح كبرى قياس يستخرج منه النتيجة ، وهي : أنّ