غير كلامه. وبجودة الفهم محترزاً به عن مطلقه ، وكأنّه مراد من فسّره بالذكاء والفطنة ، والمراد بالفهم العلم ، وهو مراد من فسّره بمطلق الإدراك ، أو بأنه هيئة للنفس بها يتحقّق معاني ما تحسّ.
وربّما خصّ بجودة الذهن من حيث استعداده لتحصيل المآرب وسرعة الانتقال من المبادي إلى المطالب ، وظاهر بعض بل جمع ترادف العلم والفهم ، وكأنّه الحامل لهم على الاقتصار على تفسير الفقه بالفهم فقط ، مع تفسير اللغويّين له بالوجهين ، وعلى القاعدة لزوم العمل على النقلين ، لكن الحقَّ أنّ بينهما عموماً من وجه ؛ لاجتماعهما في العالم الفطن ، وانفراد الأوّل بالصدق على البليد العالم ببعض الأشياء ؛ لصدق العالم عليه ، وانفراد الثاني بالصدق على العامي الفطن لعدم صدق العالم عليه.
وأمّا الفقه في عرف المتشرّعة فهو : العلم بالأحكام الشرعية الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة (١). وتخصيصه بعرف المتشرّعة لعدم ثبوت استعمال الشارع إيّاه بهذا المعنى ووضعه له وإنْ شاع استعماله في خصوص معرفة الأحكام الشرعيّة ضروريّة أو نظريّة ، اجتهاديّة أو تقليديّة ، سماعاً من المعصوم أو غيره من علماء الفرقة المرضيّة ، كآية النفر وما في معناها من الأخبار المعصوميّة ، ولهذا شاع إطلاق الفقيه على الإمام الكاظم عليه آلاف التحية ، مع نصّ أهل الفن على خروج علم الأئمّة عن هذا الحدّ بالكلّيّة.
بل نصّ العلّامة الرباني الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني وغيره من محقّقي المتأخّرين من المحدّثين والمجتهدين بأنّ الفقه في العصر السابق وإطلاقه الكثير في الأخبار أنّما هو علم الآخرة والبصيرة في الدين ، ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال ومصلحاتها ، والإحاطة بحقارة الدنيا وشدّة التطلّع على نعيم الآخرة.
__________________
(١) القوانين : ٢.