كالصلاة والزكاة وغيرهما من الماهيّات العباداتيّة ، فإنّها من الفقه وليست من المعلومات التصديقيّة ؛ إمّا بالتزامه كما هو الظاهر والمصرّح به من غير واحد من الأكابر ، أو بإرادة الحكم بكونها أسماء لمسمّياتها المعيّنة الشخصيّة ، كما يقال : الصلاة اسمٌ للأركان المخصوصة ، والزكاة اسم للقدر المخصوص المخرج من المال المخصوص ، فترجع حينئذ إلى المعلومات التصديقيّة.
اللهمَّ إلّا أن يقال : إنّ التصديقات المذكورة من المسائل الأُصوليّة لا الفقهيّة ، فالوجه الأوّل بلا مرية لذي رويّة.
والحكم لغةً : إسناد شيء إلى آخر بطريق القطع إيجاباً أو سلباً ، وإلزام الأمر والنهي كذلك ، وهو المعبّر عنه بالقضاء ، ويطلق على خصوص أمر الحاكم بين المتنازعين لرفع النزاع من البين ، كذا حكاه بعض أفاضل المتأخّرين.
وفي ( النهاية ) الأثيريّة : ( الحكم : العلم والفقه والقضاء بالعدل ) (١). انتهى.
وفي الاصطلاح تطلق على التصديقات مطلقاً ، أو مع المنع من النقيض ، والمسائل التي هي المحمولات ، والنسب التامّة الحكميّة بينها وبين الموضوعات ، وعلى الخطابات الشرعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين ، بل قيل : إنّه المعنى المصطلح عليه بين الأُصوليّين ، وعلى الخمسة التكليفيّة وما يعمّها والوضعيّة ، إلّا إنّك إذا لاحظت وجوه العلم والأحكام رأيت بعضها لا ينطبق على بعض في مقام ، فإنّ من معانيهما التصديق ولا معنى للتصديق بالتصديق ، وكذا بالنسبة إلى تفسيرهما بالمسائل ؛ لعدم الارتباط.
والتحقيق في هذا المقام بإبرام النقض ونقض الإبرام : أنّ العلم إن فسّر بالتصديق جاز تفسير الأحكام بالنسب والمسائل دون مطلق الأحكام ، مع اعتبارها من حيث انتسابها إلى موضوعاتها ليصحّ تعليق التصديق بها ، وكذا لو فسّر بالإدراك بتكلّف الظرف بالمتعلّق المقدّر ، أي : الإدراك المتعلّق بهذه الأشياء. ولا يصحّ حملها حينئذ
__________________
(١) النهاية ( ابن الأثير ) ١ : ٤١٩.