المائدة فسكت عمر (١).
فكثير من الصحابة كانوا لا يقبلون بفتوى عمر في المسح على الخفين منهم علي ، وابن عباس ، وعائشة ، التي جاء عنها إنّها قالت عن المسح على الخفين : لان احزهما أو احز أصابعي بالسكين أحب إليّ من أن أمسح عليهما (٢) أو : لان تقطع قدماي أحب إليَّ من ان امسح على الخفين. أو : لان امسح على جلد حمار أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفين (٣). وقد انزعج عمر من تصريحات عائشة فقال : لا تاخذوا بقول امراة (٤).
إذن عائشة ، وعلي ، وابن عباس كانوا يقولون بعدم جواز المسح على الخفين ، وهذا ينبئنا عن وجود تعارض بين نقلين احدهما يدعم الفقه الحاكم ، والاخر يحكي سنة رسول الله ، فليس لنا إلاّ أن نفترض أن النقل الثاني عن الصحابي ـ المؤيد للنهج الحاكم ـ كان قد طبخ في مطابخ السلطة والحكومة ؛ فهي الوحيدة القادرة على الصاق ما تريد بالصحابي ، بل بأي صحابي ، وإلاّ لا يمكن لأي أحد أن
_________________________________
(١) رواه الإمام أحمد في مسنده ١ : ٣٦٦ واسناده صحيح. ونقل الهيثمي في مجمع الزوائد ( ١ : ٢٥٦ ) نحو هذا عن ابن عبّاس ، ونسبه للطبراني في الأوسط ، كما في هامش جامع المسانيد والسنن لابن كثير ٣٢ : ٦ ـ ٤.
(٢) مصنف بن أبي شيبة ١ : ١٧٠ / ح ١٩٥٣.
(٣) التفسير الكبير ، للرازي ١١ : ١٦٣.
(٤) مسند زيد بشرح الروض ، والاعتصام بحبل الله ١ : ٢١٨ وأنظر سنن الدارمي ٢ : ٢١٨ / ح ٢٢٧٤.