وتشاور بين العلماء للخروج بمنهج موحد صحيح.
إذن المسألة الفقهية اخذت منحىً حكومياً ـ مضافاً إلى اختلاف وجهات النظر والمبتنيات ـ وذلك بتدوينهم الحديث النبوي في العهد الاموي ، وتعميم ما كتبه ابن شهاب الزهري منديل الامراء (١) إلى الامصار ، والزام الاخرين في الاخذ عنها لا عن غيرها.
وفي العهد العباسي بدا التمذهب الفقهي انطلاقاً من تقريب أبي حنيفة ودعوته لطرح مسائل شداد على الإمام الصادق ، ومروراً بأمر المنصور بعدم جواز الافتاء في الموسم إلاّ مالك بن أنس ، لقوله : « لا يفتين إلاّ مالك » (٢) وختاماً بانحصار المذاهب الإسلامية بالاربعة فقط في العصور اللاحقة.
بلى أنّهم سعوا لابعاد ائمة أهل البيت عن مجريات الاحداث ، وكانوا يهدفون بعملهم هذا التعرف على الطالبيين ، لكونهم المخالفين السياسيين للحكومتين الاموية والعباسية ، ولو تابعتم النصوص الحديثية والمواقف الفقهية لصدقتمونا في مدعانا ، فلنأخذ مثلاً قضية علي بن يقطين [ وزير هارون ] حينما وشى به إلى الرشيد بأنّه من الشيعة ، فأراد هارون أن يتأكد ويتحرى عن الأمر
_________________________________
(١) تاريخ دمشق ٥٥ : ٣٧٠.
(٢) انظر تهذيب الكمال ١٨ : ١٥٧ ، تاريخ بغداد ١ : ٤٣٦ ، التعديل والتجريح ٢ : ٦٩٩ ، عن ابن وهب قال حججت سنة ثمان وأربعين ومائة وصائح يصحيح لا يفتي الناس إلاّ مالك بن أنس وعبدالعزيز بن أبي سلمة.