قال : شهدته وقت الصلاة فصلى الظهر ، فلما كان بعد الزوال صلى صلاة ظننتها العصر ، اطال في الاوليين وحذف الاخيرتين.
فقال له الرشيد : لله أبوك لجاد ما حفظت تلك صلاة العصر ، وذلك وقتها عند القوم (١).
فإذن الحكام كانوا يتعرفون على الطالبيين من خلال الوضـوء والصلاة ، وغيرها من الامور العبادية ، والرشيد عرف أن المصلي هو من الطالبيين ، لأنّه قصر الصلاة وجمع بين الظهر والعصر فقال له : « لجاد ما حفظت تلك صلاة العصر وذلك وقتها عند القوم » ، وعليه فالمسائل الدينية صارت خاضعة لامور سياسية في كثير من الاحيان وأن الحكام بهذه الاعمال كانوا يرجون اهدافا كثيرة ، منها كسب تعاون البسطاء من الناس معهم ، لان الناس كانوا قد اعتادوا على فقه نمط خاص في الشريعة ، فلو رأوا شخصاً يصلي أو يتوضأ بغير الشكل الذي ألفوه لثاروا عليه غضباً وابعدوه عن دائرة الإسلام.
بمعنى آخر : أن السلطة لو قبضت على شخص من الطالبيين ، فالناس سيتعاونون مع الجهاز الحاكم ، بدعوى أن هذا ليس بمسلم ، بل هو رافضي يرفض الإسلام في احكامه ، انظر إلى وضوءه فهو ليس مثل وضوءك ، وإلى صلاته فهو ليس كصلاتك ، وإلى حجه فهو ليس كحجك ، فهو مخالف لدينك وشريعتك ، فالناس البسطاء سيتأثرون بهذه الاقوال ، ويعتقدون بأن هذا الشخص مبدع وخارج
_________________________________
(١) انظر مقاتل الطالبيين : ٣١٠ ، تاريخ الطبري ٤ : ٤٦٤ ـ ٤٦٥.