أحببت فانقع العصارة في زيت ثالثة واعصرها رابعة فإنها تجيبك في المرة الأولى أول في القوّة ، وفي المرة الثانية ثانياً وفي الثالثة ثالثاً ، وفي الرابعة رابعاً ، ولطخ الإناء بالعسل في كل مرة تريد أن تعمل ، وإن أحببت أن تنقع الورد ثانية في الدهن الذي عصرته أوّلاً فاطرح عليه من الورد الطري الذي لم يمسه ماء على علا الأوّل وحركه بيدك وقد لطختها بعسل واعصره واعمل الثاني والثالث والرابع كما وصفنا أولاً فإن أحببت أيضاً أن تلقي على الدهن الأوّل ورداً فالق ويكون طرياً ، فإنك كلما جمدت فيه الورد قويته ، وإنما يحتمل أن يبدل فيه الورد سبعة مرار فإن أكثر من ذلك فليس يحتمل ولطخ المعصرة بعسل ، وينبغي أن يستقصي تمييز الدهن من عصارة الورد فإنه إن بقيت فيه منه بقية أفسدت الدهن وإن كانت قليلة ، ومن الناس من يدق الورد وينفعهفي الزيت ويبدله في كل سبعة أيام ويفعل ذلك ثلاث مرات ثم يعكره بيده ثم يخزنه ، ومن الناس من يعفص الزيت بقصب الذريرة ودارشيشعان ، ومنهم من يلقي فيه خس الحمار لتحسين لونه وملحاً لئلا يفسد.
دهن البنفسج : يبرد ويرطب وينوم ويعدل الحرارة التي لم تعتدل ، وهو طلاء جيد للجرب وينفع من الحرارة والحرافة التي تكون في الجسد ، ومن الصداع الحار الكائن في الرأس سعوطاً ، وإذا قطر الحديث منه في الإحليل سكن حرقته وسكن حرقة المثانة ، وإذا حل فيه شمع مقصور أبيض ودهن به صدور الصبيان نفعهم من السعال منفعة قوية ، ونفع من يبس الخياشم وانتثار شعر اللحية والرأس وتقصفه وانتثار شعر الحاجبين دهناً ، وإذا تحسى منه على الريق في حوض الحمام وزن درهمين بعد التعرف على الريق نفع من ضيق النفس وتعاهد المستعمل منه في كل جمعة مرة واحدة. المنهاج : هو ملين لصلابة المفاصل والعصب ويسهل حركة المفاصل ويحفظ صحة الأظفار طلاء وينوم أصحاب السهر لا سيما ما عمل منه بحب القرع واللوز ويعتاض عنه بدهن اللينوفر ، وصنعته العاهة : أن يقطف من عيدانه ويرمى في طنجير فيه شيرج طري ويغلى فيه أو يشمس في شمس حارة أياماً كثيرة حتى تخرج قوته في الشيرج ، ثم يعصر ويرمى بثفله ويرفع الدهن ويكون مقداره أربع أواقي من زهر البنفسج لكل رطل من الشيرج ، وهكذا يتخذ الدهن من سائر الأدهان أيضاً ، وقد يتخذه أهل العراق على وجه آخر كما ذكره أمين الدولة ابن التلميذ ، وهو أن يؤخذ سمسم مقشور مخلوع غير مقلو مجفف ، ويجعل في كيس كرباس جديد ساق وسمسم وساق زهر بنفسج منقى مقطوع الساق غير مبلول لا كثير التندية فيعفن ولا قليلها بل متوسط ، ويشد رأس الكيس ويغطى الكيس بخرقة كرباس ويترك ثلاثة أيام أو أربعة ويخرج ويبسط على إزار كرباس في غرفة لا يقربه دخان البتة حتى يجف ويرمى عنه البنفسج يفعل ذلك به ثلاث مرات أو أربعة أو أكثر على قدر ما يقيم البنفسج ، ثم يبسط ويجفف تجفيفاً جيداً ويطحن ويستخرج دهنه ويجعل في إناء زجاج ، وكلما ركد في أسفل الإناء شيء روق إلى إناء آخر يفعل به ذلك مراراً عدة حتى يصفو ، وعلى هذا المثال يتخذ دهن البنفسج بلب اللوز الحلو ، وكذا يفعل بدهن الورد والنيلوفر والنرجس والخلاف وغيره من الأزهار.
دهن النيلوفر : هو بارد رطب ، وقالت الأطباء : منافعه كمنافع دهن البنفسج إلا أنه أقوى فعلاً منه في الصداع الحار ، فإنه ينفع منه منفعة بالغة وهو يقوم مقامه في غير ذلك واتخاذه كما وصفنا