وأما الذي يخبز في الطابق أو يدفن في الجمر وخبز الملة فكله رديء لأن باطنه نيء ولا ينضج بالسوية وأما الخبز المغسول فإنه قليل الغذاء ، وهو أبعد أنواع الخبز عن توليد السدد لأن لزوجته وغلظه قد ذهبت عنه وصار هوائياً ، والدليل على ذلك خفته في وزنه وارتفاعه فوق الماء. وقال روفس : الخبز الخشكار يلين البطن والحراري يعقله والمختمر يلين والفطير يسدد والرغيف الكبير أخف من الصغير وأكثر غذاء ، وخبز الفرن أرطب من خبز التنور والملة تعقل والمعمول باللبن كثير الغذاء ، والخبز الحار يسخن ويجفف والبارد لا يفعل ذلك ، والخبز الذي من الحنطة الحديثة يسمن ، وقال في موضع آخر منه : والخبز الذي ينثر عليه بزر الخشخاش يزيد في النوم والذي ينثر عليه الشونيز والكمون أكثر تجفيفاً ولا ينفخ بل يذهب النفخ ، والخبز اللين أكثر غذاء وأشد ترطيباً وأسرع انحداراً ، والخبز اليابس على خلاف ذلك. وقال ابن ماسويه : أفضل الخبز وأكثره غذاء السميذ وهو أبطأ انهضاماً لقلة نخالته ، ويتلوه خبز الحواري في ذلك ثم خبز الخشكار وأحمد أوقات كله أكله في آخر اليوم الذي يخبز فيه أو من غد ذلك اليوم قبل أن يصلب ويجف ، وحكى حنين عن ديوجانيس : أن خبز الملة أيبس الخبز وأبطؤه هضماً ولذلك يعطى لين البطن والبلة الرقيقة في المعدة. وقال في كتاب العادات : إن في الخبز الحار حرارة عرضية وفضل رطوبة بخارية فهو بسبب حرارته العرضية يعطش وبسبب الحالتين كلتيهما يشبع دفعة وأما الخبز البارد فلا يفعل شيئاً من ذلك لأن الحرارة العرضية ليست فيه والرطوبة البخارية قد تحللت منه. قالت الخوز : والخبز الحواري قوته تسمن البدن ، وقال ماسرحويه : الخبز الفطير أكثر رياحاً من الخمير. الرازي في دفع مضار الأغذية : إن للخبز مع اعتياد الطبيعة ووروده عليها دائماً وجرى العادة بالاغتذاء منه مضار ينبغي أن تميز وتفصل فمنه السميذ والحواري والخشكار على مراتبها في ذلك من قلة النخالة وكثرتها والفطير والمختمر والكثير الملح والبورق والعديمة وخبز التنور والفرن والملة والطابق ، فمن مضار خبز السميذ والحواري أنه أعسر خروجاً من البطن من الخشكار وأنه أكثر نفخاً وتوليداً للرياح وأنه يولد السدد في الكبد والحصاة في الكلي في المتغذي بذلك ، ولذلك ينبغي أن يميل عنه إلى الخشكار من تعتريه الرياح الغليظة ويبس البطن وسدد الكبد وغلظ الطحال والحصاة في الكلى ويسرع إليه الامتلاء وتصيبه أوجاع المفاصل والتحجر فيها ، ومما يدفع هذه المضار أن يكثر فيها من الخمير والبورق ويتعاهد الأكل بالسكنجبين البزوري وأخذ بزر البطيخ والكرفس مع السكر الطبرزد متى أحس بثقل تحت الأضلاع من الجانب الأيسر ، والخبز الخشكار يتولد منه دم مائل إلى السواد ويكون ذلك منه بمقدار رداءته وقلة نقائه وأنه كلما كان أقل نقاء وأميل إلى السواد كان الدم الذي يتولد منه أقل مقداراً في نفسه وأغلظ
وأميل إلى السواد ، فيتولد عن إدمانه الأمراض السوداوية ويسرع بالهرم ويضعف عليه البدن ويقل الدم ويكون عنه الحكة والجرب والبواسير ونحوها ، وإن كل من الخبز الخشكار بمقدار ما يتولد عنه من الدم المقدار الذي يحتاج البدن إليه احتاج أن تكون كميته أكثر من كمية الخبز الحواري كثيراً فثقل لذلك في المعدة ويربو وينفخ ، ولا سيما إذا شرب عليه الماء ويتولد من ذلك فتوق من النفخ وإن قصر عن المقدار لم يتولد من الدم قدر الوفاء لحاجة البدن ويقل عليه اللحم الصلب