وتذهب نضارته وحسن لونه ورطوبته ، والذي يدفع هذه المضار أن يتأدم عليه بالإدهان والحلاوات والألبان ويد من ذلك ، ويحذر التأدم عليه بالأملاح والكوامخ والحريفات ونحوها فإن ذلك يزيد في شره وقلة غذائه وسرعة خروجه من البطن فيقل استيفاء ما فيه من الغذاء أو في رداءة الدم المتولد منه حتى تتولد منه الأمراض التي ذكرنا ، ويسرع أيضاً بالهرم والذبول ، ولا سيما إن قلل شرب الماء عليه أو كان البلد مع ذلك يابساً أو حاراً أو مهنة الأكل مهنة متعبة ، فلذلك ينبغي أن تدفع هذه المضار عنه باللبن الحليب وسائر الأدهان التي لا كيفية لها حارة كدهن السمسم ، فأما الزيت فغير موافق وبعقيد العنب والسكر والتمر ، فأما العسل فإنه أيضاً غير موافق لأنه يسرع بإخراجه إلا أن يقع مع دسم كثير ومع لبوب دسمة فتكسر منه وتسكنه (٢) وكذا بعقيد العنب والكمثرى أوفق الحلاوات في هذا والزبد والسمن وفي الدسومات واللبن الحليب الذي لا حموضة فيه البتة أو ما ثرد فيه ثم الاسفيذباجات الدسمة ، فأما كل طبيخ من حامض أو مالح أو خريف فرديء في هذا الوجه إلا أن هذا الخبز قليل الغذاء سريع الخروج ، فالحلاوات تزيد في غذائه والدسومات تزيد أيضاً وتمنع قشفه ويبسه وجلاءه وجرده الأمعاء بكثرة نخالته وسرعة خروجه منها ، وأما الخبز الفطير فرديء في توليد الرياح وإبطاء الخروج فلذلك يضر من يعتريه القولنج جداً ، وهو أيضاً أسرع في توليد السدد والحصاة من المختمر من الخبز الحواري ، فلذلك ينبغي أن يجتنب فإن اضطر إليه دفع ما يتولد عنه من هذه المضار بما ذكرنا مما يدفع به المضار المتولدة من الخبز الحواري ، وأضر ما يكون بمن لا يتعب فأما من يتعب ويكد نفسه كداً شديداً فكثيراً ما يسلم منه وأما الخبز المخمر فيسلم من هذه الخلال إلا أّنه أقل منه وأضعف غذاء فمن كان شديد الكدّ وكان متخلخل البدن ضعف عن إدمانه ، ومما يدفع به ذلك التأدم عليه بالآدام المغلظة واللزجة كلحوم الجملان والعجاجيل والهرائس والعصائد وترك التعب وتقليله ، وكذا الحمام والتعريف والأغذية الحريفة والملطفة كالتوابل الحارة والبقول الحريفة والملح والمري والكوامخ والشراب العتيق جداً ، فأما الحلواء الغليظة فنافعة في هذه الأحوال ، وأما الكثير الملح والبورق فقليل الغذاء سريع الخروج وما بضده فقد بان كيف تدفع الضرر المتولد عن إدمانه بما تقدم من كلامنا وأما خبز التنور فأصلح من خبز الفرن في سرعة الهضم والخروج وقلة توليد النفخ والسدد والغلظ واللزوجات لكن خبز الفرن أوفق منه في كثرة الغذاء ، ولذلك هو أصلح لمن يكد ويتعب ويحتاجون إلى غذاء متين قوي ، وأما خبز الملة فأغلظ وأشد قوّة من خبز الفرن وأعسر خروجاً وأكثر غذاء إذا انهضم وليس يخفى مضاره وبما ذا تدفع على ما فهم مما تقدم من كلامنا ، وأما خبز الطابق فأخف من خبز التنور ولا سيما متى رقق فهو لذلك أعسر خروجاً وليس بأكثر غذاء من خبز التنور ، وأما خبز الشعير فمنفخ مبكرد للبدن ، ولذلك ينبغي أنه لا يأكله من لا يروم تبريد البدن به ، بل إن اضطر إلى إدمانه فيستعمل بالعسل والتمر والإلية والاسفيذباجات الكثيرة التوابل ويشرب عليه ماء العسل ليأمن من تشكيه المفاصل وتوليد القولنج الصعب الشديد ، وأما خبز الحمص فبطيء الإنهضام جداً ، ولذلك لا يكاد ينزل ، ولذلك ينبغي أن يكثر ملحه أو يؤكل بالملح متى اضطر إليه مضطر بأن يطرح في أمراق الاسفيذباجات المالحة الدسمة جداً فإنه متى لم يفعل به ذلك ولد أوجاعاً
_________________
(٢) نخـ وتد سمه.