وشيعته ، فأمكنه الله منهم حتى شفى النفوس.
فكتب مصعب إلى أخيه عبدالله بخبرهما وماقالتاه فكتب إليه : إن هما رجعتا عما هما عليه وتبرأتا منه وإلا فاقتلهما ، فعرضهما مصعب على السيف ، فرجعت بنت سمرة ولعنته وتبرأت منه وقالت : لو دعوتني إلى الكفر مع السيف لكفرت ، أشهد أن المختار كافر ، وأبت ابنة النعمان بن بشير وقالت : شهادة أرزقها فأتركها؟ كلا انها موتة ثم الجنة والقدوم على رسول الله وأهل بيته ، والله لا يكون ، آتي مع ابن هند فأتبعه وأترك ابن أبي طالب؟ اللهم اشهد أني متبعة لنبيك وابن بنته وأهل بيته وشيعته ، ثم قدمها فقتلت صبراً. ففي ذلك يقول الشاعر :
إن من أعجب الأعاجيب عندي |
|
قتل بيضاء حرة عطبول |
قتلوها ظلماً على غير جرم |
|
إن لله درها من قتيل |
كتب القتل والقتال علينا |
|
وعلى الغانيات جرُ الذيول (١) |
هذا هو مصعب بن الزبير بصورته البشعة ، يؤوي قتلة الحسين عليهالسلام ويسالمهم ، ويعدهم من قادة جيشه وحملة لوائه ، فضلا عما فعله بشيعته وأنصاره والآخذين بثأره ، مما يكشف عن مدى ما يحمله من حقد وعداء لأهل هذا البيت الطاهر ، واختلافه الشديد بينه وبينهم ، بل الفجوة بين أطروحتين متغايرتين ، الأطروحة الزبيرية التي تدين بالعداء لأهل البيت ، ودفعهم عن مقامهم ، بل محاولة تصفيتهم ، وبين توجهات الأطروحة العلوية المعروفة.
__________________
(١) مروج الذهب ١١٣ : ٣ ، وروى اليعقوبي في تاريخه ١٨٢ : ٢ ، الحادثة بإضافات أخر ، ونسب الأبيات إلى عمر بن أبي ربيعة ، ومثله ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد ١٥٥ : ٥ في ذكر دولة بني مروان ، خبر المختار ابن أبي عبيد ، مع اختلاف في ألفاظ البيتين الأولين.