وإذا كان هذا حال مصعب بن الزبير ومواقفه من أهل البيت عليهمالسلام ، فمتى يتاح له التقارب مع بني هاشم ، الذين لا يزالون يحتفظون بمواقف التنكيل والتشريد التي ارتكبها عبدالله بن الزبير ، وقد عزم على إحراقهم وإفنائهم. ومصعب بن الزبير هو إحدى الصنائع الزبيرية التي ما فتأت تعمل على إنجاح الأطروحة الزبيرية بالتنكيل والتقتيل لأهل البيت وأشياعهم ، فهل يمكننا بعد هذه المقدمات التاريخية من استعراض حال آل الزبير ، أن يجد علي بن الحسين عليهماالسلام مبررا لزواج مصعب بن الزبير من أخته «آمنة» سكينة بنت الحسين؟!
وإذا اعترض أحدهم قائلا : بأن الزواج ـ خصوصا في ذلك الوقت ـ لا علاقة له بالمواقف الشخصية ، وأن مسألة المصاهرة لا تعدو عن اقتران بين زوجين ، لا يمثلان كل منهما توجها سياسيا أو فكريا يناقض أو يوافق الطرف الآخر.
فإن ذلك المقول غير دقيق ؛ إذ بالعكس فقد كان الزواج ـ خصوصا في ذلك الوقت ـ يمثل حالات تقارب سياسي ، واستقطاب اجتماعي ، يحصل من خلاله الشخص على تأييد أصهاره أو محاولة منه لتأمين جانبهم وتخفيف احتمال الوقيعة به ، وهذا دأب ذي الشأن منهم. وما زواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من تشكيلات متعددة إلا صورة لهذه الحالة السائدة لدى المجتمع القبلي ، الذي يعيش تحت وطأة التعصبات القبائلية ، والأعراف العربية الملتزمة وقتذاك. فقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يستقطب في مصاهراته المتعددة بيوتات لها خطرها في التيارات السياسية المتربصة بالدين الحنيف.