وحاجتهم إلى آل الزبير ، فيستعطون أرزاقهم ويتقربون لهم للحصول على أعطياتهم ، وقد تنكر الراوي إلى حقائق تاريخية تظهر شأن علي بن الحسين عليهماالسلام وقدره حتى من أعدائه ، وهو عليهالسلام كان يعيش بعد واقعة الطف في أخطر ظرف سياسي يتربص لتحركاته ، ومع هذا فقد هيمن عليهالسلام على قلوب أعدائه ، فضلا عن شيعته ومريدية. فقد كانت وقعة الحرة في المدينة شاهدا على تعظيم علي بن الحسين عليهماالسلام في أعين أعدائه فضلا عن أتباعه ، وكان مسرف بن عقبة حين دخل المدينة لم يتعرض لعلي بن الحسين عليهماالسلام ، بل قال حين رأي الإمام عليهالسلام : إن أمير المؤمنين أوصاني بك خيرا.
وروى ابن سعد في الطبقات أن مروان بن الحكم ، وعبدالملك بن مروان كانا يحبان علي بن الحسين عليهماالسلام ويجللانه (١).
على أن هذا التجليل لا يعني الاعتقاد ، بقدر ما يعني رضوخهما لواقع الأمر مما كان عليه الإمام عليهالسلام ، من الهيمنة على قلوب المسلمين وتعظيمهم له ، بل كان له سيرته المعروفة في البر والعطاء ، وكان موفور المال غير محتاج إلى أحد ، بل كان عليهالسلام يعطي للمحتاجين.
فقد روى ابن الجوزي أن علي بن الحسين عليهماالسلام دخل على محمد بن أسامة بن زيد في مرضه فجعل محمد يبكي ، فقال علي : ماشأنك؟ قال : عليّ دين ، قال : كم هو؟ قال : خمسة عشر ألف دينار ، قال : فهو عليّ.
وما رواه أيضا من أن رجلا كان يتعرض لعلي بن الحسين عليهماالسلام ، فأمر له الإمام بألف درهم وألقى عليه خميصة كانت عليه ، فكان الرجل بعد ذلك يقول : أشهد أنك من أولاد الرسول (٢).
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٤٢١ : ٣.
(٢) صفة الصفوة ٣٩٣ : ١.