وأخرج عن أبي ذر رحمه الله كذلك قال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ياعلي من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك يا علي فقد فارقني»(١).
وإذا استعرضنا تاريخ آل الزبير ، وما كانوا عليه من المفارقة لعلي وانحرافهم عنه ، والنيل منه وسبه ، اتضح لنا جليا مدى عدائهم وعدم توافقهم مع آل علي بعد ذلك ، على أن الإمام زين العابدين عليهالسلام يتحرى مواطن الاتفاق والالتزام بولاية علي عليهالسلام دون موارد الانحراف والضلال. هذا هو مقتضى سيرة المؤمنين ، فكيف بالإمام زين العابدين عليهالسلام يتصاهر مع بيوت مخالفيه دون مراعاة جانب الإيمان والورع والتقوى؟! مما يكشف لنا عن عدم إمكانية وقوع زواج مصعب من آمنة حسب المقتضيات الدينية التي كان يراعيها الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام.
وهي التي تشمل المقتضيات السياسية كذلك ، فالزبيريون طلاب منصب وإمارة كما هو معروف ، وهم المنافسون لخصومهم السياسيين من بني مروان ، الذين انكفؤوا في استغلال الفرص السياسية بعد انعزال معاوية ابن يزيد عن السلطة ، وخلو الساحة السياسية عمن يشغل منصبه ، فتسارع مروان إلى اقتناص الفرصة السياسية هذه كونه الوريث السياسي للأمويين ، فنصب نفسه لرأس نظام أموي مرواني جديد ، وهو ما حدى بمنافسيه السياسيين إلى استغلال هذه الظروف السياسية ، فوثب عبدالله بن الزبير على مكة بعد صراعات دموية عنيفة ، مقتطعا بذلك مكة وما والاها ، وضاما إلى إمارته البصرة وما حاذاها ، حتى طمع في الكوفة ، فكانت وقعة مصعب مع
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ١٣٣ : ٣ ، ح ٤٦٢٤. قال الحاكم : صحيح الإسناد.