مكة ثم عودتها إلى المدينة ثم خروجها إلى مكة ، وهكذا لا يقر لها قرار ، حتى إن ذلك أثار حفيظة الخليفة الأموي فأمر العثماني بطلاقها؟!
قال الاصفهاني : بعد طلاق سكينة من الأصبغ المرواني فخلف عليها العثماني ، وشرطت عليه ألا يطلقها ولا يمنعها شيئا تريده ، وأن يقيمها حيث خلتها أم منظور ، ولا يخالفها في أمر تريده ، فكانت تقول له : يا بن عثمان أخرج بنا إلى مكة ، فإذا خرج بها فسارت يوما أو يومين قالت : ارجع بنا إلى المدينة ، فإذا رجع يومه ذاك قالت : أخرج بنا إلى مكة ، فقال له سليمان بن عبدالملك : اعلم أنك قد شرطت لها شروطا لم تف بها فطلقها فطلقها (١).
وهذا التصرف الأهوج الذي صوره الخبر لا ينسجم مع امرأة سوية عاقلة ، بل هو يحكي عن تصرفات امرأة حمقاء لا هم لها إلا الخروج من المدينة ، ثم عودتها إليها ، ثم خروجها منها ، وهكذا دون طائل ، فكيف يمكننا قبول مثل هذا الهوس وحكايات الحمقى لامرأة توصف بأنها من عقائل قريش؟! مما يعني أن خبر الزواج أمر موضوع يراد منه المس بكرامة هذا البيت العلوي الطاهر.
رابعا : ومن القرائن المهمة على بطلان الخبر ، أن راويه هو أشعب ، وأشعب هذا متروك الحديث ضعيف ، يتعاطى الغناء واللهو ، ويكذب من أجل إضحاك الآخرين.
قال الأزدي : لا يكتب حديثه ، ونقل ابن حجر عنه في لسان الميزان أنه قال : أخذت الغناء عن معبد (٢).
__________________
(١) الأغاني ١٦٢ : ١٦ ، ١٦٣.
(٢) لسان الميزان ٥٠٣ : ١.