على أن الإمام الصادق عليهالسلام صور حزن الفاطميات بقوله : «ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ، ولا رؤي الدخان في بيت هاشمي خمس حجج إلى أن قتل عبيدالله بن زياد» (١).
بل إن السيدة آمنة عليهاالسلام حينما وصلت المسجد النبوي في المدينة صاحت : يا جداه إليك المشتكى مما جرى علينا ، فوالله ما رأيت أقسى من يزيد ، ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرا منه ولا أجفى وأغلظ ، فلقد كان يقرع ثغر أبي بمخصرته وهو يقول : كيف رأيت الضرب يا حسين (٢).
هكذا عبرت السيدة آمنة عن لوعتها وتفجعها للمصاب ، فكيف تنسى بعد ذلك وترتكب حياة تعدد الأزواج؟!
والسيدة الرباب أمها بكت على أبي عبدالله حتى جفت دموعها ، فأعلمتها بعض جواريها بأن السويق يسيل الدمعة ، فأمرت أن يصنع لها السويق لاستدرار الدموع (٣).
والإمام زين العابدين عليهالسلام يدعو إلى الحزن على أبي عبدالله عليهالسلام ويتعجب ممن لا يحزن من أجله ، ولا يبكي على مأساة ، فقال في خطبته حين وصول المدينة بعد أن حمد الله وأثنى عليه قال :
«أيها القوم ، إن الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبدالله الحسين عليهالسلام وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته وداروا برأسه في البلدان ، من فوق عامل السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية.
أيها الناس ، فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله؟ أم أي فؤاد لا يحزن من أجله؟ أم أية
__________________
(١) مقتل الحسين للقرم : ٣٧٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.