المقدمة
تبقى الكتابات التاريخية محبوسة الأنفاس بين ما احتكره أهل الصنعة من التزوير ، وبين ما استحسنه الحكام من كتابته ، بما ينسجم وتطلعاتهم في إلغاء مسلمات الواقع ، أو فرض تخيلات القصاصين على كاهل تاريخ يمتد بعطاءاته منذ بزوغ فجر الرسالة إلى ما شاء الله له أن يقوم.
وإذا أردنا أن نحسن الظن بما سطره هؤلاء وأولئك من مروياتهم ، فلا ينبغي أن نتعامل معها بحسن ظن يفقدنا مصداقيتنا في الرغبة إلى معرفة الحق ومجرياته ، وشؤون الواقع وتطلعاته.
وهكذا تبقى المرويات التاريخية مكتمة ، لا يحق لها أن «تتفوه» عما أضافته يد الوضع عليها ، أو تلك النابعة من تخيلات القصاصين مجاراة لوضع سياسي قائم ، أو مدارة لنزعات تكتل معين ، أو تنفيذا لرغبة نفسية جامحة في الانتقاص من هذا ، وسلب محاسنه لتزويق صورة ذاك ، أو رمي هذا بداء ذاك دون وازع من دين ، أو تحرج من عرف ، أو حتى لو تعارض مع مبتنيات علمية ، أو أسس منطقية ، بل ومبادئ أخلاقية ، استجابة لمصالح