شخصية عارمة ، أو طموحات سياسية هائجة ، تسحق معها كل مبدأ ، وتقتل من خلالها كل فضيلة ، وتوأد بسببها كل مكرمة. وليس في منطق هؤلاء غير استدرار رضا أسيادهم ، وإشباع حاجات أوليائهم من «نهم» الوضع والتزوير ، ونزعة الكذب والتضليل.
وهكذا يبقى الصراع قائما بين توجهات هؤلاء ، وأسس المنطق العلمي الذي من خلاله يقرأ الواقع التاريخي دون تزلف لعصبة ، أو مراء في حقيقة أو تجن على واقع.
والذي بين أيدينا نموذج مما جنته الأهواء في كتابة التاريخ ، وما فرضته المصالح من تزوير ، وما أفرزته صراعات التكتلات السياسية من تضليل ، فخال لهم ما وضعوه «مسلمة» أجورها على ألسن السذج من الناس ، وأوهموا بها الحمقى من القصاصين ؛ ليستظرفوا بها كتبهم ، ويستملحوا بها قراءهم.
وكان نصيب هؤلاء من تخيلاتهم في مروياتهم ، وطعونهم على أهل البيت عليهمالسلام ، أن صوروا السيدة آمنة بنت الحسين عليهماالسلام ، الملقبة بسكينة ، أنها من أهل الظرافة والبطر.
فهي تتعاطى الغناء ، كما هي تتعاطى التحكيم بين الشعراء والمغنين ، وتترامى في أحضان أزواجها الأمويين والزبيريين دون وازع من دين أو مانع من عرف ، وكأنها «موقوفة» لبني مروان وآل الزبير. فبين مفارق لها ، وبين كاره ، وبين خاطب ، وبين مطلق ، وكأن لم يكن من بني هاشم كفء يتولى أمرها ، أو ولي يحسن منعها عما ترتكبه مما يخالف الدين وينافي العرف.