وسلم لمن سالمكم»(١).
ولكم كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينوه عن حبه لابنيه هذين حتى أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما ترك مناسبة إلا وأشهد المسلمين على حبه إياهما.
فما رواه أسامة بن زيد قال : طرقت باب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات ليلة لبعض الحاجة ، فخرج إلي وهو مشتمل على شيء لا أدري ماهو ، فلما فرغت من حاجتي قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشف فإذا حسن وحسين على وركيه فقال : «هذان ابناي وابنا ابنتي ، اللهم إني أحبهما فأحبهما ، وأحب من يحبهما»(٢).
ولم يكن ذلك التنويه مقتصرا لأصحابه بل خص أهله وعمومته وأقرهم على حبهما وعظيم منزلتهما حتى صار ذلك مركوزا لدى الهاشميين من أهله كما هو مركوز عند المسلمين طرا.
وعن مدرك بن عمارة قال : رأيت ابن عباس آخذا بركاب الحسن والحسين فقيل له : أتأخذ بركابهما وأنت أسن منهما؟ فقال : إن هذين ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أوليس من سعادتي أن آخذ بركابهما (٣)؟!
هذه عناية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لولديه ، ولم تنقطع هذه الرعاية الخاصة بانقطاع الوحي ، عند رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ملكوت الله الأعلى ؛ ليكون قرير العين بسبطيه هذين وأبويهما ، وهم يحملون عيبة علمه ومكنون حكمته ، وضن عليهم من التخلف عنهم وتركهم ، فقال : «يا أيها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي ، أمرين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٦١ ح ٤٧١٣.
(٢) سنن الترمذي ٥ : ٦٥٦ ح ٣٧٦٩ كتاب المناقب ، ب٣١ مناقب الحسن والحسين.
(٣) ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر من تاريخ دمشق ، تحقيق المحمودي : ١٤٦ ح١٨٨.