فجعلت تخرج كل واحدة ومعها جاريتها ومعها ما أمرت لها به عائشة ، والغريض بالباب حتى خرج مولياته مع جواريهن الخلع والألطاف ، فقال الغريض : فأين نصيبي من عائشة؟ فقلن له : أغفلناك وذهبت عن قلوبنا ، فقال : ما أنا ببارح من بابها أو آخذ بحظي منها ، فإنها كريمة بنت كرام ، واندفع يغني بشعر جميل :
تذكرت ليلى فالفؤاد عميد |
|
وشطت نواها فالمزار بعيد |
فقالت : ويلكم هذا مولى العبلات بالباب يذكر بنفسه هاتوه ، فدخل ، فلما رأته ضحكت وقالت : لم أعلم بمكانك ، ثم دعت له بأشياء أمرت له بها ، ثم قالت له : إن أنت غنيتني صوتا في نفسي فلك كذا وكذا .. فغناها في شعر كثير :
ومازلت من ليلى لدن طر شاربي |
|
إلى اليوم أخفي حبها وأداجن (١) |
٦ ـ قال الحارث بن خالد المخزومي متغزلا بعائشة بنت طلحة لما تزوجها مصعب بن الزبير ورحل بها إلى العراق :
ظعن الأمير بأحسن الخلق |
|
وغدا بلبك مطلع الشرق |
في البيت ذي الحسب الرفيع ومن |
|
أهل التقى والبر والصدق |
فظللت كالمقهور مهجته |
|
هذا الجنون وليس بالغسق |
أترجة عبق العبير بها |
|
عبق الدهان بجانب الحق |
ما صبحت أحدا برؤيتها |
|
إلا غدا بكواكب الطلق(٢) |
قال أبوالفرج : والحارث بن خالد أحد شعراء قريش المعدودين
__________________
(١) الأغاني ٣٧٢ : ٣ ، ٣٦٦ : ١.
(٢) تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان : ٢٨٣ ، الأغاني ٣١٦ : ٣ وراجع أيضا ١٢٢ : ١٥.