نصف المسافة بين صنعاء وصعدة ، ويعزز هذا قول نشوان نفسه في هذا الكتاب في باب الحاء مع الواو وما بعدهما بناء ( فُعْل ) في الأسماء عند حديثه عن حُوْث : « وبِحُوث كان مقام نشوان بن سعيد مؤلف هذا الكتاب » ، ولهذا فإِنه بعد أن فارقها ، وشرَّق في اليمن وغرَّب ، ظل يحن إِليها ، فقال :
بشاطئ حُوثٍ من ديار بني حربِ |
|
لقلبيَ أشجانٌ معذبةٌ قلبي |
بل إِن أكثر إِقامته كانت في حُوْث ، ففي مقدمته لهذا الكتاب صرح بأنه صنف كتابه وأكمله فيها عام ٥٧٠ هقال :
وفي سنة السبعين والخمس تمّ ما |
|
جمعتُ من التصنيفِ في رمضانِ |
وأكملتُ من هذا الكتابِ فصولَهُ |
|
ولم أنفصلْ عن بلدتي ومكاني |
ولكن هذا لا يعد دليلاً قطعياً على أن ميلاده كان في حُوْث ، فإِنه قد يعني ببلدته ومكانه ( اليمن ).
أما نشأته الأولى وتلقيه التعليم ، فقد كان على الأرجح في مدينة حُوْث وكانت هجرة من هجر العلم ، وظلت كذلك إِلى عهد قريب ، ولم يتحدث في كتبه المعروفة لدينا عن شيوخه الذين تلقى عنهم ، ولا شك في أنه في بداية حياته العلمية درس على عدد منهم ، فلما اشتد ساعده شق طريقه بنفسه ، فعكف على المكتبات الزاخرة وكانت كثيرة في اليمن ، فنهل منها وعلّ ، حتى تضلع في جميع العلوم والمعارف والفنون المعروفة في عصره ، وأصبح عالماً في التفسير ، والقراءات ، والحديث ، والأصول ، والفروع ، والفرائض ، والملل ، والنحل ، والتاريخ ، والأنساب ، واللغة ، والنحو ، والصرف ، والآداب شعراً ونثراً ، والمعاني ، والبيان ، والعروض ، والقوافي ، وفي علم الفلك ، وعلم النبات ، وتتجلى هذه المعارف الواسعة أكثر ما تتجلى في كتابه هذا ( شمس العلوم ).