« فالفقه » هو العلم بالحكم المتعلّق بالفرع من حيث تعلّقه به ، والعلم الإجمالي المتعلّق بالحكم ليس تعلّقه من هذه الحيثيّة ، بل إنّما يتعلّق به من حيث صدوره من الشارع ، لما عرفت من أنّه الّذي ينشأ منه تعلّق الحكم بالفرع ، فلا يعقل تعلّقه به من هذه الحيثيّة.
وبالجملة ، تعلّقه بجهة صدور الحكم علّة لحصول جهة التعلّق له والفقه علم يتعلّق بجهة تعلّق الحكم لا جهة صدوره ، وهذا هو المعنى المراد من الفرعيّة.
وأمّا سادسا : فلأنّ هذا العلم على فرض استناده الأوّلي إلى الضرورة ، مع فرض كون ورود عمومات الايات والروايات من باب التأكيد لمقتضى الضرورة ، سبيله سبيل الضروريّات المخرجة بقيد « الأدلّة » لعدم كون مستنده حينئذ مندرجا في عنوان « الدليل » نعم يسقط ذلك لو جعلنا العلم الإجمالي مستندا إلى العموم والضرورة ناشئة منه لكونه حينئذ حاصلا من الدليل.
[١٥] قوله : ( وقد أورد على هذا الحدّ ، أنّه إن كان المراد « بالأحكام » البعض ... الخ )
ومنشأ هذا الإشكال ملاحظة ورود الجمع المحلّى بحسب الإطلاقات على معان خمس ، وهي الإستغراق المدّعي على كونه حقيقة فيه ، الاتّفاق والمعهودان الخارجي والذهني ، وجنسا الجمع والمفرد ، فالسؤال عن إرادة الكلّ مبنيّ على احتمال كونه محمولا على الاستغراق ، كما أنّ السؤال عن إرادة البعض مبنيّ على احتمال كونه مرادا منه إمّا المعهود الذهني ـ أي الجماعة المعهودة في الذهن الغير المعيّنة في لحاظ الحدّ ، وإن كانت معيّنة في لحاظ الخارج ، بملاحظة أنّ التصديق في تعلّقه الخارجي يقتضي محلاّ معيّنا ـ أو جنس الجمع الصادق على القليل والكثير من الجماعات محمولا هنا على أوّل مصاديقه وهو الثلاثة ، أو جنس الفرد الصالح لأن يتحقّق في ضمن الواحد والكثير من الاحاد ، وأمّا المعهود الخارجي فلا مجال هنا إلى احتمال إرادته ، للزومه المعهوديّة بأحد أنحائها الثلاث المنتفية في المقام.