[١٧] قوله : ( ثمّ إنّ الفقه أكثره من باب الظنّ ، لابتنائه غالبا على ما هو ظنّي الدلالة أو السند ... الخ )
وهذا إشكال اخر في الحدّ.
وملخّص تقريره : أنّ العلم في جنس الحدّ ظاهر في الاعتقاد الجازم ، فيخرج به أكثر الأحكام الفرعيّة لابتنائها غالبا على الأدلّة الظنّية ، فإنّ الفقيه بالقياس إليها ظانّ والجنس لا يشمله.
[١٨] قوله : ( والجواب : أمّا عن سؤال الأحكام ... الخ )
اجيب عن أوّل الإشكالين باختيار كلّ من الشقّين ، فتارة باختيار أوّلهما وهو حمل « الأحكام » على إرادة البعض ، ولا ينتقض الحدّ معه في طرد ولا عكس.
وملخّص الجواب على هذا التقدير : أنّ المورد إمّا أن يكون ممّن يجوّز التجزّي في الاجتهاد أو لا ، فإن كان من الثاني فلا يشمل الحدّ إلاّ المجتهد في الكلّ ، إذ ليس المراد بالبعض هنا البعض بشرط لا ، بل البعض لا بشرط بالنظر إلى كونه في ضمن الكلّ وعدمه ، وهو لا يعقل بالنسبة إلى المقلّد الّذي جعلوه موردا للنقض ، لأنّه على هذا القول أجنبيّ عن كونه عالما ببعض الأحكام ، لاستحالة معرفة البعض المنفكّ عن الكلّ على مذاق هذا القائل ، فانحصر البعض لا بشرط في أحد فرديه وهو البعض المندرج في ضمن الكلّ ، والعالم بالبعض كذلك مجتهد في الكلّ ، فالحدّ على هذا القول لا يشمل إلاّ المجتهد في الكلّ ، وإن كان من الأوّل فيشمل الحدّ للعلم المفروض ، ويطّرد لكونه حينئذ من أفراد المحدود.
والفرق بين طرفي الترديد أنّ بناء الأوّل على أنّ العلم المذكور ليس من أفراد الفقه وهو غير داخل في حدّه ، فلم يثبت عدم اطّراده.
وبناء الثاني على أنّه من أفراده وهو داخل فيه ، فلا يكون صدق الحدّ عليه ممّا يوجب عدم اطّراده ، بل الواجب صدقه حينئذ مراعاة لانعكاسه ، وأيضا في الأوّل تسليم قول المورد أنّه ليس بفقيه في الاصطلاح ، وفي الثاني منع له.
ويشكل ذلك على مذهب المصنّف في مسألة التجزّي من إمكانه وعدم اعتباره ، وبعبارة اخرى : جواز التجزّي عقلا وإنكار جوازه شرعا.