الحكم الشرعي الواجب اتّباعه ، لكنّ النظر الدقيق يقضي بخلافه ، ويشهد برجوع ذلك أيضا إلى البحث عن حال الدليل.
أمّا على الظنّ في الطريق الّذي اختاره الهداية (١) والفصول (٢) فواضح ، وأمّا على الظنّ في نفس الأحكام الّذي هو المعروف من أهل القول بالحجّية ، فلأنّ عبارة قولهم : « الظنّ حجّة أو ليس بحجّة » وإن كانت تقضي بظاهرها بكبرويّة النزاع ، على معنى كونه في أصل الملازمة بين الظنّ والحكم الشرعي ، غير أنّ المستفاد من مطاوي كلماتهم وتضاعيف عباراتهم في الاستدلال والنقض والإبرام كون الكبرى والملازمة المذكورة مسلّمة ، ورجوع النزاع إلى أمر صغروي ، وهو وجود الطرق المعتبرة المرخّص في الرجوع إليها شرعا بعنوان القطع وإن لم تكن بأنفسها علميّة في أزمنة الغيبة وفقدها على هذا الوجه ، كما يفصح عنه مقابلة القول بالحجّية لمقالة الأخباريّة القائلة بقطعيّة أخبارنا اليوم مطلقة أو الموجودة منها في الكتب الأربعة خاصّة ، ومقالة أهل القول بالظنون الخاصّة ، ومقالة من احتمل عند نقض دليل الانسداد كون المرجع حال الانسداد هو الاحتياط أو البراءة الأصليّة أو غيرها من الاصول المقرّرة في الشريعة.
ولذا كان المهمّ في نظر أهل القول بالحجّية إثبات انسداد باب العلم ، بنفي وجود الطرق العلميّة والظنون الخاصّة ونفي مرجعيّة الاصول العامّة ، فالقول بالحجّية مرجعه في الحقيقة إلى دعوى فقد الطرق العلميّة وغيرها من المعتبرة شرعا ، كما أنّ مرجع القول بنفيها إلى دعوى وجودها بأحد الوجوه المذكورة ، ويشهد به الإجماعات المنقولة على الحجّية على تقدير الانسداد مطلقا.
وثالثها : أنّ من المسائل المقرّرة في الفنّ ، المباحث المتعلّقة بالاصول العامّة
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٠٧ ( الطبعة الحجرية ) في ذيل البحث عن دليل الانسداد على حجّية الخبر الواحد.
(٢) الفصول : ٢٧٧ ، حيث أورده في ذيل الدليل الثامن من الأدلّة القائمة على حجّية الخبر ، وهو الدليل المعروف بدليل انسداد باب العلم.