وأمّا الرابع : كالأبيض العارض للجسم بواسطة السطح المبائن له ، فلأنّ الواسطة ـ على ما هو المفروض ـ لا توجد في الخارج إلاّ والمعروض موجود معها غير منفكّ عنها ، ولا هي متناولة غيره فتكون من خصائصه وإن امتنع حمله عليه ، فيختصّ به ما يختصّ بها فما يقال : من أنّ ما يعرض الموضوع بواسطة الخارج ولو مساويا له ليس في الحقيقة من عوارض الموضوع ، بل من عوارض ما يساويه ، فاللازم أن يبحث عنه في علم يكون موضوعه ذلك المساوي ، ممّا لا يلتفت إليه.
وأمّا الأعراض الغريبة : فالمعروف بينهم أنّها ما يعرض الشيء بواسطة أمر خارج أعمّ أو أخصّ ، فيصير أقسام العرض بضميمة هذين القسمين إلى ما تقدّم من أقسام العرض الذاتي ـ عدا ما يعرض بواسطة أمر مبائن خمسة ، حصره المتأخّرون فيها ، وبيّنوا وجهه بأنّ العرض إمّا يعرض الشيء أوّلا وبالذات أو بواسطة ، والواسطة إمّا داخل فيه أو خارج عنه ، والخارج إمّا أعمّ منه أو أخصّ أو مساو له.
وعن صاحب القسطاس انّه أضاف إليها سادسا ، وهو أن يكون الواسطة أمرا مبائنا للمعروض بزعم كونه من الأعراض الغريبة.
واستصوبه في شرح المطالع ووافقهما غير واحد وهو الأصحّ ، وعليه فأقسام العرض الغريب ثلاث ، ثالثها ما يعرض الشيء بواسطة أمر خارج مبائن له ، لكن يجب تقييد ما يعرض بواسطة أمر خارج أخصّ بما لو اخذ العرض في لحاظ الحمل بوصف الإنفراد ، لما عرفت من انّه لو اخذ بوصف الإنضمام على وجه الترديد كان من جملة الأعراض الذاتيّة ، لا لأنّه على هذا الاعتبار ممّا يعرض بواسطة أمر أخصّ ومعه يكون عرضا ذاتيّا ، بل لإنقلاب الفرض حينئذ إلى كونه ممّا يعرض بواسطة أمر مساو حسبما وجّهناه ، كما انّه يجب تقييد ما يعرض بواسطة الخارج المبائن بكونه مبائنا في الحمل والوجود معا ، إذ العارض لأمر مبائن في الحمل مساو في الوجود من الأعراض الذاتيّة ، حسبما عرفت وجهه.