التمثيل ، فالمثال غير منطبق على الممثّل ، لوضوح إنّ المسطّح لا يبائن الجسم ، فإنّ حمل الأبيض على الجسم بواسطة حمله على السطح الّذي ليس من المبادئ المصدريّة صحيح ، غير مفتقر صحّته إلى كون الواسطة أيضا ممّا يصحّ حمله عليه ، فليس في التمثيل به بعد ما يصحّ الحمل عليه مسامحة ، بل المسامحة إنّما هي في التمثيل بالمسطّح من حيث إنّ الإشتقاق الجعلي المأخوذ فيه لا يعطيه عنوان المساواة في الحمل بالقياس إلى الجسم ، بعد ملاحظة أنّ مبدأ الإشتقاق فيه بنفسه مستقلّ في موضوعيّته للأبيض ، إذ من البيّن إنّ الاعتبار والتقدير لا يرفعان حكم الواقع ونفس الأمر ، ومن المحسوس بالوجدان أنّ العروض الواحد الّذي لو اخذ بالقياس إلى الواسطة كان حاصلا أوّلا وبالذات ولو اخذ بالقياس إلى أصل الموضوع كان حاصلا ثانيا وبالعرض ، ما يتحقّق للأبيض فيما بين السطح والجسم ، وإن عبّر عنه بالمسطّح.
[٣٤] قوله : ( ولا بدّ له من مقدّمات يتوقّف الاستدلال عليها ، ومن تصوّرات الموضوع وأجزائه وجزئيّاته ، ويسمّى مجموع ذلك بالمبادئ ... الخ )
قد تقرّر عندهم إنّ أجزاء العلوم ثلاثة ، ثالثها المبادئ وهي على ما بيّنوه عبارة : عمّا يتوقّف عليه التصديق بالمسائل ، إمّا لكونها حدودا تفيد تصوّرات تتعلّق بموضوع العلم ، أو أجزائه أو جزئيّاته أو أعراضه الذاتيّة المأخوذة في موضوعات المسائل حسبما تقدّم بيانه (١) فتسمّى بالمبادئ التصوّرية ، أو مقدّمات تفيد تصديقات لا يتمّ الإستدلال على المسائل إلاّ بها فتسمّى بالمبادئ التصديقيّة ، فالتمثيل لها حسبما في عبارة المصنّف بالكتاب والسنّة والإجماع غير خال عن المسامحة ، لوضوح كون هذه الامور موضوعات المبادئ وعلى أيّ حال فهي إمّا مسائل من علم اخر أو علمين فصاعدا ، كمسائل النحو والمنطق والكلام واصول
__________________
(١) تقدّم في التعليقة رقم ٣١.