الفقه ، أو قضايا معلومة بالضرورة كقولنا : « النقيضان لا يجتمعان » و « الكلّ أعظم من الجزء » وما أشبه ذلك بالقياس إلى علم الفقه.
والوجه في كون مسائل ما عدا اصول الفقه من العلوم المذكورة من مبادئ الفقه ، ما تقدّم في عبارة المصنّف المتعرّضة لبيان وجه تأخيره عن العلوم المذكورة بالثالث من الاعتبارات الثلاث المتقدّم ذكرها.
وأمّا مسائل « اصول الفقه » فلأنّها باحثة عن الأحوال الراجعة إلى أدلّة الفقه أو أجزائها أو جزئيّاتها ، فلا يتمّ الاستدلال بها على المسائل الفقهيّة إلاّ بإحراز تلك المسائل ، وبما ذكر ظهر أنّ المقدّمات المأخوذة في تفسير المبادئ أعمّ من البعيدة والقريبة كما نصّ عليه أيضا بعضهم.
ويستفاد من إطباقهم على عدّ العلوم المذكورة وغيرها من مقدّمات الاجتهاد على ما سيأتي في بابه.
[٣٥] قوله : ( ولمّا كان البحث في علم الفقه عن الأحكام الخمسة ، أعني الوجوب ... الخ )
وكأنّ في تخصيص الخمس التكليفيّة بالذكر ، تنبيها على خروج غيرها من الوضعيّات عن مسائل الفقه ، وهو كذلك كما تقدّم إليه الإشارة ـ وسنفصّله أيضا ـ إذ لولا أفعال المكلّفين معروضة للتكليفيّات الموجبة لاستحقاق الثواب والعقاب الاخرويّين ، لما كان للفقيه تعرّض لتدوين هذا العلم جزما ، حيث لا غرض له بالذات سوى النظر فيها ، ولا ينافيه ما يكثر صدوره عنه من النظر في الوضعيّات أيضا كطهارة شيء ونجاسته ونحوهما ، لكونه ممّا يقصده بالعرض طلبا لما يستلزمه ممّا هو مقصود له بالذات ، ضرورة أنّ البحث عن نجاسة الكلب مثلا لا فائدة فيه إلاّ ترتيب ما يترتّب عليها من التكاليف ، فيكون البحث عنها ونظائرها ممّا ليس بتكليفي استطرادا بحتا.