وأن يتّصف المعنى بهما » وينعكس بأنّه : « كلّما لم يتّصف المعنى بهما فلا بدّ وأن لا يتّصف بهما اللفظ ».
وأمّا قضيّة قولنا : « كلّما لم يتّصف اللفظ بهما فلا بدّ وألايتّصف المعنى » فلعلّها كعكس نقيضها ، وهو أنّه : كلّما اتّصف المعنى بهما فلا بدّ وأن يتّصف اللفظ بهما غير صادقة ، لكون الامور الاصطلاحيّة من الامور القابلة للتخصيص فجاز انعقاد اصطلاحهم من أهله في نوع من اللفظ دون غيره.
ومن هنا ربّما يشتبه الأمر في خصوص المقام ، بملاحظة أنّه لم يعهد منهم إطلاق الكلّي والجزئي على الحروف والأفعال باعتبار معانيها النسبيّة المستندة إلى هياتها ، كما اعترف به غير واحد ويظهر بالتتبّع ، وهل هذا من باب التخصيص في الألفاظ لنكتة فلا بدّ من بيان النكتة ، أو من جهة اندراجهما في عكس القضيّة الاولى ، على معنى أنّ عدم الاتّصاف فيهما لأجل عدم اتّصاف معانيها ، لكنّ المستفاد من كلام جماعة بناء الأمر على الوجه الثاني ، وعليه بعض الأعلام (١) حيث قال : وأمّا الفعل والحرف فلا يتّصفان بالكلّية والجزئيّة في الاصطلاح.
ولعلّ السر فيه أنّ نظرهم في التقسيم إلى المفاهيم المستقلّة الّتي يمكن تصوّرها ، والمعنى الحرفي غير مستقلّ بالمفهوميّة ، بل هو أمر نسبي رابطي والة لملاحظة حال الغير في الموارد المشخّصة المعيّنة ، ولا يتصوّر انفكاكها أبدا عن تلك الموارد فهي تابعة لمواردها ، وكذلك الفعل بالنسبة إلى الوضع النسبي.
وفي معناه كلام بعض الفضلاء (٢) حيث علّل عدم اتّصاف المعاني الحرفيّة ، بأنّها مفاهيم اليّة يمتنع ملاحظة العقل إيّاها بنفسها.
وملخّص مفاد العبارتين دعوى : استناد المنع عن اتّصاف اللفظ إلى امتناع اتّصاف المعنى ، لمكان انتفاء قابليّة الاتّصاف عنها من حيث إنّها ليست إلاّ نسبا مخصوصة متعيّنة ، مختلفة الجهات والحيثيّات على حسب اختلاف الموارد
__________________
(١) قوانين الاصول ١٠ : ١.
(٢) الفصول : ٩.