الفرديّة أو التشخّص الحاصل منها بعنوان الجزئيّة ، بدعوى : أنّ الفرد عبارة عن المجموع من الماهيّة والتشخّصات اللاحقة بها والمشخّصات الموجبة لها ، أو عن مجموع الماهيّة وتشخّصها دون المشخّصات ، ولازمه على التقديرين دخول الوجود في حقيقة الفرد ، فغير مسموع ، لوضوح فساد الأوّل ، وكون الثاني خلاف ما يساعد عليه طريقة العرف والعقلاء ، كما يعلم ذلك من بنائهم في تعليقهم الأحكام على فرد مّا لابتناء ذلك على أخذ الماهيّة باعتبار الوجود مع تجريدها عن التشخّص ، لمكان عدم مدخليّته في الحكم أصلا ، أو عدم كونه مقصودا بالإفادة عند الخطاب.
وأمّا ما في كلام بعضهم من التعبير عن القول بوجود الكلّي الطبيعي في الفرد على طريق الضمنيّة بوجوده فيه باعتبار الحصّة الموجودة منه فيه ، فإن اريد به تنزيله منزلة ذلك بدعوى : أنّ الماهيّة لمّا كانت بتمامها موجودة مع كلّ فرد وتعدّدت وجوداتها بتمامها على حسب تعدّد أفرادها ، وكان كلّ من ذلك منطبقا عليها فكأنّها شيء واحد خارجي تحصّص حصصا كثيرة على حسب كثرة وجوداتها ، ووجدت كلّ حصّة منها في ضمن كلّ من ذلك ، فلا ضير فيه وإلاّ فلا ريب أنّها ليست من الامور القابلة للتجزئة ليتفرّق أجزاؤها إلى أفرادها ليوجد مع كلّ فرد حصّة منها بهذا المعنى.
[٤١] قوله : ( وإن تكثّر فالألفاظ متبائنة ... الخ )
قد عرفت بما بيّنّاه سابقا أنّ التقابل بين أقسام هذا التقسيم ليس بخارجي ، ليتغاير كلّ قسم لاخر بحسب الخارج ، بل هو تغاير ذهني منوط بالاعتبار ، ولذا كانت الإضافة والنسبة ـ وهي نسبة اللفظ إلى المعنى ـ بالاتّحاد والتكثّر مأخوذة في متن التقسيم ، فالمقسم عند التحقيق هو النسبة المأخوذة ، وجهة الانقسام إنّما هي حيثيّات تلك النسبة واعتباراتها ، فالقسم الأوّل وهو المتّحد اللفظ والمعنى عبارة عن اللفظ الواحد من حيث إضافته ونسبته إلى معنى واحد ، سواء وضع له اللفظ أو لا وسواء كان قابلا للفظ اخر أو لا وسواء كان اللفظ قابلا لمعنى اخر أو لا.