وعليه فالأعلام الشخصيّة تندرج في ضابط العرفيّة الخاصّة ، إذ الابتلاء بالتعبير بها عن مسمّياتها يحصل لخصوصيّات الطوائف دون قاطبة أهل اللسان ، والوضع فيها أيضا يحصل غالبا من معين فيأخذه الباقون إمضاء وتسليما ، ويأتي على قسميه ، وإن كان الحاصل منهما بالغلبة والاشتهار نادرا بالقياس إلى غيره ، وعموم الاستعمال بعنوان الحقيقة فيها ليس إلاّ كعمومه في اصطلاحات العلوم والصناعات ، فلا وجه له إلاّ الإمضاء والتسليم أو الاتّباع.
غاية الأمر قيام الفرق بينها وبين سائر الاصطلاحات ، باعتبار أنّ المصطلحين يجمعهم جهة جامعة منتزعة عن عناوين العلوم أو الصناعات ، بخلاف المستعملين لها ، وهذا كما ترى لا يصلح فارقا بينهما ، بحيث أوجب اندراج إحداهما في الحقيقة العرفيّة وخروج الاخرى ، عنها فالإيراد على القوم بأنّ تقسيم الحقيقة إلى الأقسام الثلاثة غير حاصر لعدم تناوله الأعلام لعلّه في غير محلّه ، كما أنّ الالتزام بخروجها عن المقسم بالمرّة ـ أعني مطلق الحقيقة ـ ليس في محلّه ، كيف والحقيقة لم يؤخذ في حدّه إلاّ اللفظ والوضع والاستعمال والحيثيّة ، والكلّ موجود فيها مع وجود خواصّ الحقيقة ولوازمها ، ولو كان ذلك لخصوصيّة مأخوذة في ماهيّة الحقيقة وإن لم ينبّه عليها في حدّها ، فهو ممّا يخلّ بسلامة الحدّ ، ولم يتعرّض له أحد ولا يكون إلاّ لتبيّن عدم مدخليّة شيء اخر زائد [ ا ] على ما ذكر في الماهيّة.
وعليه فما حكى عن الرازي والامدي في المحصول (١) والإحكام (٢) من أنّ الحقيقة والمجاز يشتركان في امتناع اتّصاف أسماء الأعلام بهما « كزيد » و « عمرو » وهو المستفاد من نهاية العلاّمة (٣) حيث أدرجها في عنوان ما يتوسّط
__________________
(١) المحصول في علم الاصول ٣٤٣ : ١ حيث قال : المسألة الاولى : في أنّ دلالة اللفظ بالنسبة إلى المعنى قد تخلوّ عن كونها حقيقة ومجازا ، أمّا في الأعلام فظاهر ...
(٢) الإحكام في اصول الأحكام : ٣٢.
(٣) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة ٢٦ ( مخطوط ) حيث قال : البحث الثاني في إمكان الخلوّ عنهما ـ إلى أن قال ـ : وأيضا الأعلام ليست حقيقة ولا مجازا.