وضابطه الكلّي بل ضابط المشابهة بنوعها ، كون وجه الشبه من خصائص المستعار منه الّتي يمتاز بها عمّا عداه ، كالصورة النوعيّة في كلّ نوع المسوّغة لإطلاق لفظه على ما طرأته هذه الصورة كائنا ما كان ، والصفة المعنويّة الّتي هي من هذا النوع خاصّة أو بمنزلة الخاصّة.
وقد يعدّ من المشابهة المشاركة في مبدأ الاشتقاق ، كما في إطلاق المصدر على الفاعل في « زيد عدل » والمفعول في « خلق الله » وإطلاق اسم الفاعل في « قمت قائما » واسم المفعول في قوله تعالى : ( بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ )(١) عليه ، وإطلاق كلّ من اسم الفاعل واسم المفعول على صاحبه ، كما في قوله تعالى : ( مِنْ ماءٍ دافِقٍ )(٢) و ( لا عاصِمَ الْيَوْمَ )(٣) و ( حِجاباً مَسْتُوراً )(٤) و ( كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا )(٥) لكنّه وهم يفسده أنّ العلاقة لا بدّ وإن تعتبر بين المعنيين ، والمشاركة في مبدأ الاشتقاق أمر لفظي لا يلحقه حكم العلاقات المعتبرة هنا.
ومنها : كون المعنى المجازي سببا أو مسبّبا ، كالنبات للمطر ، والغيث للنبات ، وقد ينوّع ذلك أربعة أنواع ، باعتبار انقسام العلّة إلى الماديّة والصوريّة والفاعليّة والغائيّة.
الأوّل : إطلاق السبب المادّي المفسّر بالمحلّ القابل ، كالوادي في قولهم : « سال الوادي » فإنّه محلّ قابل لسيلان الماء فيه.
والثاني : إطلاق السبب الصوري كالقدرة ، فإنّها صورة اليد ، وقد يقرّر في جعل اليد في قوله تعالى : ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )(٦) مجاز في القدرة ، بأنّها تشبه الصورة من حيث إنّ الأثر الصادر من اليد لا يكون إلاّ بتوسّط القدرة ، فكانت كالجسم الّذي لا يؤثر إلاّ بتوسّط صورته ، ولحلول القدرة فيها كحلول الصورة في المادّة.
والثالث : إطلاق السبب الفاعلي كالسحاب ، في قولهم : « ينزّل السحاب » فإنّه
__________________
(١) القلم : ٦.
(٢) الطارق : ٦.
(٣) هود : ٤٣.
(٤) الإسراء : ٤٥.
(٥) مريم : ٦١.
(٦) الفتح : ١٠.