بينهما ، إذ اللفظ إذا أفاد بواسطة القرينة إرادة المعنى المجازي يبقى قاصرا عن إفادة إرادة المعنى الحقيقي ، فلو أراده والحال هذه يكون لاغيا ، ومعلوم أنّ المتكلّم لمكان حكمته في أمر التكلّم يقبح منه اللغو ، فيمتنع فلا يتحقّق منه إرادة المعنى الحقيقي حال إرادة المعنى المجازي بالقرينة.
فتقرّر بما ذكرنا معاندة المجاز للحقيقة بجميع وجوهها ، وهذا هو وجه الاحتجاج بها في سند القول بمنع استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ، فما اعترضه المدقّق الشيرواني على الحجّة من أنّ المجاز ملزوم لقرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي منفردا لا مطلقا ، حتّى إرادته مجتمعا مع المعنى المجازي ، ليس في محلّه.
كما أنّ ما اعترضه عليها المحقّق السلطان من أنّ القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة في المجاز ، إنّما تمنع عن إرادتها بدلا عن إرادة المعنى المجازي. وأمّا بالنظر إلى إرادة اخرى منضمّة إليها فلا ، ليس في محلّه.
فإنّ هذين الاعتراضين مع ابتنائهما على اعتبار وجود قرينة المجاز مانعا ، لا اعتبار عدمها جزا للمقتضي ، وهو خلاف التحقيق ، يرد عليهما : أنّه إن اريد بكونها مانعة أنّها توجب استحالة إرادة المعنى الحقيقي على أحد الوجهين بالذات ، على معنى زوال القدرة من جهتها عن المتكلّم فهو في البطلان بمكان من الوضوح ـ على ما أشرنا إليه ـ وإن اريد به أنّها توجب الاستحالة العرضيّة فلا يتفاوت الحال من هذه الجهة بين ما لو اريد المعنى الحقيقي منفردا أو بدلا ، وبين ما لو اريد مجتمعا مع المعنى المجازي أو بإرادة مستقلّة منضمّة إلى إرادة المعنى المجازي ، إذ منافاة الحكمة لا ترتفع بفرض اجتماعه مع المعنى المجازي ، أو بفرض تعلّق الإرادة المستقلّة به المنضمّة إلى إرادة المعنى المجازي ، وانتظر لتتمّة الكلام في هذا المقام ، فإنّه سيلحقك في محلّه إن شاء الله.
ومنها : أنّه يندفع بما قرّرناه من الفرق بين الدلالتين ، وأنّ المأخوذ في تعريف الوضع هو الدلالة التصديقيّة لا غير ، التناقض المتوهّم بين قضيّة قول جماعة :