ويلزم ذلك على القول بذلك في مطلق ألفاظ العلوم أيضا ، إذ لو اريد بالتصديق بالمسائل ما لا ملكة معه أصلا ، فهو ممّا لا يمكن تحقّقه عادة فيما هو محلّ البحث من استناد العلم بالأحكام إلى الاجتهاد واستفراغ الوسع في الأدلّة المعهودة ، وعلى فرض إمكان تحقّقه فبطلان اللازم ممنوع بالنظر إلى الاصطلاح ، وإن كان مسلّما بالنظر إلى العرف واللغة.
ولو اريد به ما نشأ عن الملكة ـ كما في فقهائنا اليوم ـ فالملازمة ممنوعة ، لا لأنّ المسمّى خصوص التصديق لا بشرط وجود الملكة ، بل لأنّ المسمّى هو الملكة الموجودة مع التصديق ، المأخوذة في الوضع لا بشرط ذلك التصديق ، نظرا إلى أنّ حصول التصديق الفعلي مسبّبا عن الملكة لا يوجب زوال الملكة ، كما هو واضح.
ثمّ إنّ قضيّة الاعتراف بالأقوال الثلاث المذكورة ، التزام كون أسامي العلوم بأسرها من المنقولات ، لوضوح عدم كون شيء من المسائل والتصديق بها وملكة التصديق بها عين مسمّى هذه الألفاظ لغة ، مع ما في كلامهم ممّا هو بمنزلة التصريح بذلك ، حيث يتعرّضون لشرحها لغة واصطلاحا فيذكرون لها بحسب كلّ معنى.
ومن ذلك تصريحهم في خصوص اصول الفقه ، بأنّ فيه جهتين باعتبار الإضافة والعلميّة ، فإنّ اعتبار جهة الإضافة اعتراف بالمعنى الإضافي اللغوي ، كما أنّ اعتبار جهة العلميّة اعتراف بثبوت ما يغاير الأوّل ، ويعبّر عنه بالمعنى العلمي فلا بدّ وأن يكون اصطلاحيّا ليغاير الأوّل بقرينة المقابلة.
وأمّا ما يوهمه بعض عبارات بعضهم من أنّ الإضافة بنفسها تعريف لهذا العلم ، من منافاته لما ذكر بل إنكار للنقل ، نظرا إلى أنّه اعتبار للمعنى الإضافي ، وهو لا يلائم القول بثبوت المعنى العلمي المغاير له ، فإنّ القائل بالنقل لا يعتبر المعنى المنقول منه.
فيدفعه : منع منافاة ذلك للاعتراف بالنقل هنا ، لأنّ مرجع هذا الكلام عند التحقيق إلى منع انحصار تعريف المسمّى الاصطلاحي بالرسم في التعريف