المشهور ، المعبّر عنه « بالعلم بالقواعد الممهّدة ... الخ » مثلا ، لإمكان رسمه أيضا باعتبار الإضافة المعنونة بأنّه « اصول الفقه » على معنى ما يبتنى عليه الفقه ، بناء على أنّ الماهيّة المقرّرة في نفس الأمر إذا احتوت فيها عناوين متكثّرة وجهات متعدّدة يجوز تعريفها بكلّ واحد منها ، حيث إنّ المقصود تأتي معرفتها بوجه مّا ، وهي تتأتّى بأيّ عنوان يكون ، وإن كان المأخوذ في بعضها ما هو من قبيل الغاية ، وفي الاخر ما هو من قبيل العرض.
وعلى أيّ حال كان ، فقد جرت عادة الاصوليّين في لفظ « اصول الفقه » بالبحث عن كلتا الجهتين ، استعلاما للمناسبة المعتبرة في النقل كما هو الأظهر ، أو تنبيها على صحّة إرادة كلا المعنيين في مقام التعريف ، أو على عدم تحقّق الهجر في المعنى المنقول منه على ما احتمله بعض الأجلّة ، غير أنّه اختلفت مشاربهم في التعرّض للجهتين من حيث التقديم والتأخير ، فإنّ منهم من قدّم المعنى الإضافي ـ وهم الأكثرون ـ نظرا منهم إلى تقدّمه بالطبع ، المقتضي لأولويّة تقدّمه في الوضع أيضا.
ومنهم من قدّم المعنى العلمي كبعض الأعلام (١) نظرا إلى أنّه المقصود أصالة ، فهو أولى بالتقديم من المقصود بالتبع ، ولكلّ وجه وإن كان الأوّل أولى ، لما يرتبط بالمعنى العلمي ما لا يتأتّى معرفته إلاّ بمعرفة المعنى الإضافي ، فالنظر في المعنى الإضافي يستدعي البحث في مقامين :
المقام الأوّل :
فيما يتعلّق بالجزء الأوّل من هذا المركّب وهو ال « اصول » فإنّه جمع مفرده الأصل وهو في العرف الكاشف عن اللغة يأتي لمعان :
أحدها : مبدأ الشيء وأوّله ، يقال : الملح أصله ماء ، أو في الأصل كان ماء ، والخمر أصله ماء عنب أو في الأصل كذلك ، وفلان أصله عربي أو بغدادي ،
__________________
(١) قوانين الاصول : ٥.