كونها موضوعة للأمر الخارجي كونها موضوعة للصور الذهنيّة من حيث إنّها صور ذهنيّة ، فإنّ هذا في معنى جعل النزاع لفظيّا ، فإنّ الماهيّة إذا اريد بها أعيان المعاني وحقائقها لا واسطة بينها وبين صورها المنطبعة في الأذهان ، ليرجع إليها القول بكونها موضوعة للصور الذهنيّة.
وقد علم بما قرّرناه انّ أهل القول بذلك لا يدّعون الوضع لها باعتبار أنّها امور معلومة ، بل مرادهم ثبوت الوضع بإزائها بزعم عدم ثبوته لأعيان المعاني وحقائقها ، باعتبار أنّها امور واقعيّة.
ومثله في الضعف ما عن بعض المحقّقين (١) من جعل النزاع في مسألة الوضع لفظيّا ، بدعوى : كون مال القولين إلى القول بالوضع للماهيّة بمعنى الصورة المعلومة ، فمن قال : إنّها موضوعة للأمر الخارجي أراد بالأمر الخارجي ما يقابل الصورة الذهنيّة ، بمعنى الصورة العلميّة القائمة بالذهن ، ومن قال : إنّها موضوعة للامور الذهنيّة أو الصور الذهنيّة أراد بها الماهيّة المعلومة ، إذ كثيرا مّا يطلق عليها الصورة ، فإنّ هذا على ما قرّرناه كلام خال عن التحقيق ويبعد صدوره عن المحقّقين ، وهو كما ترى يستلزم كون مراد القائلين بالوضع لنفس الماهيّات هو هذا المعنى ، وهو بعد ما بيّنّاه من أنّ المراد بها وبالوضع للامور الخارجيّة نفس المعاني وأعيانها وحقائقها الواقعيّة من حيث إنّ المعاني الذهنيّة صور لها وأشباه منطبقة عليها واضح الفساد ، فالمراد بالامور الخارجيّة ما يقابل الصور المنطبعة في الذهن المنطبقة على ذواتها ، لا ما يقابل الصور العلميّة القائمة بالذهن.
وبجميع ما قرّرناه يندفع ما اعترض على القول بالماهيّة ، من أنّ الوضع لها إنّما يستقيم في الامور الكلّية كالإنسان مثلا ، فإنّ الظاهر أنّها موضوعة للماهيّة من حيث هي ، مع قطع النظر عن الوجود الذهني والخارجي.
وأمّا الامور الشخصيّة فلا يصحّ فيها القول بالماهيّة ، إذ ظاهر أنّ « زيدا » مثلا
__________________
(١) هو سلطان العلماء في حاشيته على المعالم.