ليس موضوعا لماهيّة الإنسان من حيث هي ولا يعقل له مع قطع النظر عن الوجودين ماهيّة غير ماهيّة الإنسان أصلا ، إذ لا يمكن أن يكون شخص واحد موجودا في الذهن والخارج معا ... الخ ، فإنّ الماهيّة بمعنى عين المعنى في مقابلة الصورة المنطبعة عنه في الذهن لا يتفاوت فيها الحال بين كلّية المعنى وجزئيّة.
وكلّ هذه الكلمات كما ترى مبنيّ على ما ذكرناه من توهّم رجوع النزاع إلى أخذ الوجودين في الوضع وتجريده عنهما ، اشتباها عن حقيقة تصوير المسألة ، فلا ينبغي الالتفات إليها.
نعم هاهنا شيء اخر ، وهو أنّه ربّما يحكى عن بعض الأفاضل (١) أنّه بنى الخلاف في هذه المسألة على الخلاف في مسألة المعلوم بالذات ، مدّعيا : أنّ من قال : بأنّ المعلوم بالذات هو الصورة الذهنيّة كالشيخين وأتباعهما ، بناء على أنّ الحاصل في الذهن حقيقة إنّما هو الصور الذهنيّة وذو الصورة إنّما يحصل فيه بناء على أنّ صورته المطابقة أو غير المطابقة حاصلة فيه ، وأنّا كثيرا مّا نتصوّر أشياء لا وجود لها في الخارج ، قال : بأنّ الألفاظ موضوعة للصور الذهنيّة ، ومن قال : إنّ المعلوم بالذات هو ذو الصورة كالعلاّمة الرازي ، والمحقّق الطوسي ، والسيّد الشريف وغيرهم ، بناء على أنّ ذو الصورة هو الملتفت إليه بالذات ، وأنّ الصورة إنّما هي مراة لملاحظته ، ولذا قد يحصل الالتفات إلى الأمر الخارجي من دون شعور بالصورة ، بل مع إنكارها ، كما للمتكلّمين النافين للوجود الذهني وارتسام الصور ، وإنّا إذا أبصرنا « زيدا » كان المبصر هو زيد الخارجي لا صورته المنطبعة في الجليديّة ، فإنّها ليست من المحسوسات فضلا عن أن يكون من المبصرات ، قال : بأنّ الألفاظ موضوعة للامور الخارجيّة ، وهذا بناء على أن الألفاظ موضوعة لما هو معلوم بالذات.
وهذا البناء كما ترى غير واضح الوجه ، وإن كان مورد المسالّتي ن واحدا ، فإن
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٧٩ ( الطبعة الحجرية ).