عدم وجوب الفحص عند انتفاء العلم ، ومرجع القول بالوضع للامور المعلومة إلى عدم وجوب الفحص عند انتفاء العلم مع قطع النظر عن وجوب العمل بالمعلوم وكونه موجبا للامتثال ، وكذا القول بعدم اعتبار العلم في المدلول فإنّ مرجعه إلى وجوب الفحص عند الجهل مع قطع النظر عن وجوب العمل بالمعلوم وكونه موجبا للامتثال. وفيه ما لا يخفى.
أمّا أوّلا : فلأنّ قضيّة ما ذكر كون مبنى القول بالامور الذهنيّة على أخذ الاعتقاد في مسمّيات الألفاظ ، وقد عرفت منعه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكر في الفرق بين المسالّتي ن إبداء لتغاير الثمرتين ، ومقتضاه كون الثمرتين من متفرّعات دخول الاعتقاد في مسمّيات الألفاظ وخروجه عنها ، ولا خفاء انّ تعدّد الثمرة لا يوجب تعدّد المسألة ، فإنّ الثمرات المترتّبة على الشيء من قبيل اللوازم ، وظاهر أنّ تعدّد لوازم الشيء لا يوجب تعدّد الملزوم ، فالواجب حينئذ أخذ عنوان المسألة باعتبار دخول العلم في المدلول وخروجه عنه ، فيقال في التفريع : إنّ دخوله فيه يلزمه ، أوّلا : كون العمل بالمعتقد بوصف كونه معتقدا موجبا للامتثال.
وثانيا : عدم وجوب الفحص عند انتفاء العلم ، وخروجه عنه يلزمه وجوب الفحص وعدم الامتثال ، وبالجملة تعدّد الثمرة لا يقتضي تعدّد المسألة.
فالوجه في الفرق ـ ما نبّهنا عليه سابقا ـ من عدم كون مبنى القول بالامور الذهنيّة على أخذ الاعتقاد في الوضع ، بل على جعل مسمّيات الألفاظ صور الأشياء المرتسمة في الأذهان من حيث إنّها صورها ، لا من حيث إنّه ارتساماتها فضلا عن الاعتقادات المتعلّقة بها ، فالخلاف في مسألة دخول العلم في المدلول متفرّع في الحقيقة على القول بالامور الخارجيّة ، لأنّ العلم والاعتقاد إنّما يتعلّق بها باعتبار انّها امور خارجيّة لا باعتبار أنّها صور ذهنيّة ، فيرجع البحث إلى أنّ الامور الخارجيّة هل اخذت في وضع الألفاظ من حيث إنّها امور واقعيّة ، أو من حيث إنّها امور معلومة؟