باعتبار ما يرجع إلى الشارع ، فلا يرتبط إلاّ بجهة الصدور ، كما أنّ الفقيه لا يبحث عنه إلاّ باعتبار كونه من عوارض فعل المكلّف ، فلا يرتبط إلاّ بجهة التعلّق ، فتعيّن الفرق حينئذ.
[٦] قوله : ( الشرعيّة ... الخ )
كلمة « الياء » في هذه اللفظة للنسبة ، فهي باعتبار هذه النسبة وصف للأحكام ، ويكون المعنى : الأحكام المنتسبة إلى الشارع ، والأحكام الشرعيّة بهذا المعنى يقال على ما يقابل الأحكام النحويّة والصرفيّة والمنطقيّة وغيرها.
وانتساب الأحكام إلى الشارع إمّا لأجل جعله الثابت فيها فيراد بها مجعولات الشارع ، أو لأجل الأخذ منه فيراد بها الأحكام المأخوذة منه ، أو لأجل كونها من طريقته الثابتة له بجعل أو إمضاء أو كشف عن الواقع.
والفرق بينه وبين الأوّلين ، انّهما يستدعيان تأويلا في لفظ « الشرع » بإرادة معنى الشارع بخلافه ، كما هو واضح.
والظاهر صحّة إرادة كلّ من الوجوه الثلاث إلاّ الوجه الأوّل ، على بعض تقادير الأحكام الوضعيّة حسبما تعرفه.
ومن الأفاضل (١) من اعترض على إرادة الوجه الثاني باستلزامه انتقاض العكس ، بخروج مثل وجوب الحكم بوجود الصانع ، ووجوب شكر المنعم ، ووجوب النظر في المعجزة ، وغيره ممّا لا سبيل إلى إدراكه إلاّ من جهة العقل ، مع أنّ الجميع من الحكم الشرعي جزما ، من غير فرق بين أن يعتبر الأخذ فعليّا أو شأنيّا ، فإنّ هذه الأحكام ليست مأخوذة من الشارع فعلا لئلاّ يلزم الدور كما قرّر في محلّه ، ولا أنّ من شأنها أن تؤخذ منه ، لأنّ ممتنع الأخذ منه فعلا ليس من شأنه أن يؤخذ منه ، هذا ملخّص كلامه ، نقلناه بالمعنى.
ويدفعه : أنّ أخذ الحكم من الشارع أعمّ من أن يكون ببيان الشرع أو العقل ،
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٣ ( الطبعة الحجرية ).