لصغراه ، وكما أنّ الحمل على هذا المعنى ممّا لا ينبغي ، فكذا الحمل على إرادة المعنى العرفي أعني الإلزام حتّى يكون « الفقه » عبارة عن العلم بالإلزامات الشرعيّة ، لخروج الحدّ معه غير منعكس بالقياس إلى الأحكام الغير الإلزاميّة ، كالندب والكراهة والإباحة والعلم بها داخل في المحدود جزما.
وأمّا الحمل على التصديق وإن احتمله المدقّق الشيرواني (١) ونقل القول به عن المحقّق الشريف ، لكنّه أيضا كسابقيه غير مستقيم ، سواء اريد به تصديق الفقيه أو تصديق الشارع.
أمّا الأوّل : فواضح.
وأمّا الثاني : فلأنّ الفقه الحاصل عن الأدلّة إنّما هو اعتقاد الفقيه بمعتقدات الشارع لا اعتقاداته ، فيلزم البينونة بين الحدّ ومحدوده ، إلاّ أن يؤوّل فيه بجعل التعريف بالتصديق باعتقادات الشارع تفسيرا باللازم ، بدعوى : أنّ الفقه في نفس الأمر وإن كان هو التصديق بمعتقد الشارع غير أنّه يلزمه التصديق باعتقاده.
وفيه : أنّ ذلك خلاف ظاهر لا داعي إلى ارتكابه مع إمكان صحّة الحدّ بدونه ، بحملها على بعض ما تقدّم من معانيها حسبما نقرّره ، من غير حاجة إلى ارتكاب تأويل.
وفي كلام غير واحد من العامّة ولا سيّما الأشاعرة ، أخذها بالمعنى المصطلح الاصولي المتقدّم ذكره (٢).
وعمدة ما يرد عليه : استلزامه خروج قيدي « الشرعيّة » و « الفرعيّة » مستدركا ، حيث إنّ خطاب الله المأخوذ بالاعتبار المذكور لا يكون إلاّ شرعيّا فرعيّا ، وهذا هو الّذي يرد عليه ، إلاّ أنّ المعروف عندهم الإيراد عليه بلزومه اتّحاد الدليل والمدلول ، فإنّ الحكم المأخوذ في الحدّ لا بدّ وأن يكون مدلولا للأدلّة
__________________
(١) حواشي الموسوم بحواشي ملا ميرزا ، المطبوعة بهامش المعالم : ٢٢.
(٢) تقدّم في التعليقة ٥ ، الصفحة ٤٧ ـ ٤٨.