قالوا : لا. (١)
وفي أُسد الغابة : وقال علي لمّا تخلّى الناس عن رسول الله يوم أُحد : نظرت في القتلى فلم أر رسول الله فقلت : والله ما كان رسول الله ليفرّ وما أراه في القتلى ، ولكنّ الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه ، فما فِيَّ خيرٌ من أن أقاتل حتى أُقتل ، فكسرت جفنَ سيفي ، ثم حملت على القوم فأفرجوا لي فإذا برسول الله بينهم ، وقد أصابت علياً يوم ذاك ستّة عشر ضربة ، كل ضربة تلزمه الأرض ، فما كان يرفعه إلّا جبرائيل. (٢)
ومن كلام آخر له عليهالسلام : فقلت : يا رسول الله ! ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها ؟
فقال : يا علي ! إن أُمتي سيفتنون من بعدي.
فقلت : يا رسول الله ، أو ليس قد قلتَ لي يوم أُحدٍ حيث استُشهدَ مَن استُشهد من المسلمين ، وحيزت عنّي الشهادة ، فشَقَّ ذلك عليّ ، فقلت لي : أبشر يا صدّيق فإن الشهادة من ورائك.
فقال لي : فإنّ ذلك كذلك ، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا ، وأهوى بيده إلى لحيتي ورأسي ... . (٣)
بلى إنها فتنة ، فماذا نقول فيمن ترك القتال وولّى الدُبر وأسلم رسول الله للكفار ، هل هو الكفر ، أم أنه الفسق ، أم شيء آخر ؟
من الثابت المسلّم أن رسول الله استاء أشدّ الاستياء من هذا الفعل وغضب من
_______________________________________
١. الأمالي للطوسي : ٥٤٧ ، المجلس ٢٠ الرقم ١١٦٨ / ٤ ، الخصال ٢ : ٥٥٦ ، مناقب الكوفي ١ : ٤٨٦ / ٣٩٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٩٧ ، المعجم الكبير ١ : ٣١٨ / ٩٤١ ، كشف اليقين : ٤٢٤.
٢. أُسد الغابة ٤ : ٢٠ ـ ٢١.
٣. نهج البلاغة ٢ : ٤٩ من كلام له خاطب به أهل البصرة ، وانظر كنز العمال ١٦ : ١٩٤ / ٤٤٢١٧ ، والمعجم الكبير ١١ : ٢٩٥ ، وأُسد الغابة ٤ : ٣٤.