مادياً هي نظرة ماركسية وهابية ـ وليست نظرة إسلامية إلهيّة ـ وقد جاءتنا في القرنين الأخيرين ، غافلة أو متغافلة عن أنّ الإيمان بمقامات الأنبياء والأوصياء والصالحين تشابه تسبيح الموجودات لربّ العالمين التي لا نفقه تسبيحها ، وهي كضيافة الله لعباده في شهر رمضان والتي لا تشابه ضيافة الناس بعضهم لبعض ، إذ أنّ مفهوم الأكل عند الباري يختلف عن مفهوم الأكل عندنا ، وهكذا مفهوم الشهادة والشهود وغيرها من الجهات المعنوية الملحوظة في الفكر الإسلامي لا يمكن فهمها ببساطة وسطحية في التفكير. فهي مختصة بالرسول ومن عنده علم الكتاب.
ومن هذا المنطلق نقول : إن كثيراً من أفراد الأُمة الإسلامية ـ في عهد الرسول الأكرم ومن بعده ـ كانوا لا يدركون ـ أو لا يريدون أن يدركوا ـ عمق الرسالة ومكانة الرسول ، فكانوا يتعاملون معه كإنسان عادي يصيب ويخطيء ، ويقول في الغضب ما لا يقوله في الرضا ، فالإمام علي أراد أن يوضّح لأبي بكر بأنّه لا يدرك عمق العقيدة الإسلاميّة ، ويخالف بفعله القرآن الكريم ، ويتعامل مع الأُمور بسطحيّة وبساطة ، بعكس أقوال وأفعال ومواقف الإمام عليهالسلام الصـادحة الصـادعة بأنّه يدرك عمق الرسالة تمام الإدراك ، ويعتبر أمر الرسـول أهم من الصـلاة ، فتراه لا يتحرك حين نـزول الوحي على النبي ورأسه في حجر علي امتثـالاً لأمر الله ورسـوله حتى كادت تغيب الشمس وفاته وقت الفضيلة ، فأكرمه الله سبحانه بردّ الشمس عليه. (١)
وعلى عكس ذلك الحال بالنسبة إلى أبي سعيد بن المعلى الأنصاري ، فقد نقلت كتب التاريخ بأنه كان في الصلاة ، فدعاه رسول الله فتباطأ حتى أكمل صلاته ثم جاء إلى رسول الله ، فاعترض رسول الله على هذا التباطؤ موبّخاً إياه
_______________________________________
١. حديث رد الشمس لعلي عليهالسلام سبق تخرجه.